للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حال عليها ثلاثة أحوالٍ ثلاث شياهٍ في كل حولٍ شاة (قال المزني) الأول أولى به لأنه يقول في خمس من الإبل لا يسوي واحدها شاة لعيوبها إن سلم واحداً منها فليس عَلَيْهِ شاةٌ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ:

إِذَا كَانَ فِي مِلْكِهِ نِصَابٌ وَكَانَ مِنْ وَرِقٍ أَوْ مَاشِيَةٍ فَضَلَّ مِنْهُ أَوْ غُصِبَ، أَوْ دَفَنَهُ فِي مَوْضِعٍ فَنَسِيَهُ، أَوْ غَرِقَ فِي بَحْرٍ لَمْ يَجِدْهُ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ قَبْلَ عَوْدِهِ إِلَيْهِ، فَإِنْ عَادَ الضَّالُّ، وَاسْتَرْجَعَ الْمَغْصُوبَ، وَوَجَدَ الْمَدْفُونَ، وَوَصَلَ إِلَى الْغَرِيقِ بَعْدَ حَوْلٍ أَوْ أَحْوَالٍ، فَفِي إِيجَابِ زَكَاةِ مَا مَضَى مِنَ الْمُدَّةِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: قَالَهُ فِي القديم: لا زكاة عليه ووجه ذلك اثنان.

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الزَّكَاةَ وَاجِبَةٌ فِي الْأَمْوَالِ النَّامِيَةِ كالمواشي والزرع وَعُرُوضِ التِّجَارَاتِ دُونَ مَا لَيْسَ بِنَامٍ كَالدُّورِ وَالْعَقَارَاتِ فَلَمَّا كَانَ الْمَغْصُوبُ مَعْدُومَ النَّمَاءِ وَجَبَ أَنْ تَسْقُطَ عَنْهُ الزَّكَاةُ.

وَالثَّانِي: أَنَّ وَهَاءَ الْمِلْكِ وَنُقْصَانَ التَّصَرُّفِ يَمْنَعَانِ وُجُوبَ الزَّكَاةِ، كَالْمُكَاتَبِ الَّذِي لَا تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ، لِوَهَاءِ مِلْكِهِ، وَنُقْصَانِ تَصَرُّفِهِ، وَرَبُّ الضَّالَّةِ، وَالْمَغْصُوبُ وَاهِي الْمِلْكِ نَاقِصُ التَّصَرُّفِ، فَوَجَبَ أَنْ لَا تَلْزَمَهُ الزَّكَاةُ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي قَالَهُ فِي الْجَدِيدِ إِنَّ الزَّكَاةَ وَاجِبَةٌ فِيمَا مَضَى مِنَ الْمُدَّةِ، لِعُمُومِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لا زكاة على مال حتى يحول عليه الْحَوْلُ "، وَلِأَنَّ مِلْكَهُ فِيمَا ضَلَّ أَوْ غُصِبَ بَاقٍ، عَلَى حُكْمِ الْأَصْلِ فَوَجَبَ أَنْ تَلْزَمَهُ الزَّكَاةُ عَلَى حُكْمِ الْأَصْلِ، وَلِأَنَّ جِنْسَ الْمَالِ إِذَا كَانَ نَامِيًا وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَإِنْ كَانَ النَّمَاءُ مَفْقُودًا، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ حَبَسَ مَالَهُ عَنْ طَلَبِ النَّمَاءِ حَتَّى عَدِمَ الدَّرَّ وَالنَّسْلَ وَأَرْبَاحَ التِّجَارَاتِ لَمْ تَسْقُطْ عَنْهُ الزَّكَاةُ، كَذَلِكَ فِيمَا ذَكَرْنَا، وَهِيَ النُّكْتَةُ وَفِيهَا انفصال عن الاستدلال الأول، فأما الاستدال الثَّانِي فَرَدُّهُ إِلَى الْمُكَاتَبِ غَيْرُ صَحِيحٍ، لِأَنَّ المعنى في سقوط الزكاة من الْمُكَاتَبِ نُقْصَانُ مِلْكِهِ لَا نُقْصَانُ تَصَرُّفِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ الصَّبِيَّ نَاقِصُ التَّصَرُّفِ، وَالزَّكَاةُ فِي مَالِهِ وَاجِبَةٌ، لِأَنَّ مِلْكَهُ غَيْرُ تَامٍّ وَاللَّهُ أعلم.

[فصل]

: إذا تَقَرَّرَ تَوْجِيهُ الْقَوْلَيْنِ وَكَانَ الْمَالُ الْمَغْصُوبُ مَاشِيَةً فلهذا أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ.

أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ مَعْلُوفَةً عِنْدَ مَالِكِهَا وَغَاصِبِهَا.

وَالثَّانِي: أَنْ تَكُونَ سَائِمَةً عِنْدَ مَالِكِهَا وَغَاصِبِهَا.

وَالثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ مَعْلُوفَةً عِنْدَ مَالِكِهَا سَائِمَةً عِنْدَ غَاصِبِهَا.

وَالرَّابِعُ: أَنْ تَكُونَ سائمة عند مالكها معلوفة عند غاصبها، فإن كَانَتْ مَعْلُوفَةً عِنْدَ الْمَالِكِ وَالْغَاصِبِ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا قَوْلًا وَاحِدًا، وَإِنْ كَانَتْ سَائِمَةً عِنْدَ الْمَالِكِ وَالْغَاصِبِ فَلَهَا حَالَانِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>