كَانَ مُسْتَيْقِظًا فَحِرْزُ ثِيَابِهِ أَنْ تَكُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ يَرَاهَا، وَإِنْ كَانَ نَائِمًا فَحِرْزُهَا أَنْ يَضْطَجِعَ عَلَيْهَا أَوْ يَضَعَهَا تَحْتَ رَأْسِهِ وَيَنَامَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ نَامَ فِي الْمَسْجِدِ وَوَضَعَ رِدَاءَهُ تَحْتَ رَأْسِهِ فَسُرِقَ مِنْهُ فَقَطَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَارِقَهُ، وَلِأَنَّ هَذَا فِي الْعُرْفِ حِرْزٌ لِثَوْبِ النَّائِمِ، فَأَمَّا إِنْ كَانَ مَعَهُ هِمْيَانٌ فِيهِ دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ لَمْ يَكُنْ وَضْعُهُ تَحْتَ رأسه إذا نام حرزاً له حَتَّى يَشُدَّهُ فِي وَسَطِهِ؛ لِأَنَّ الْأَحْرَازَ تَخْتَلِفُ باختلاف المحرزات.
[(مسألة)]
قال الشافعي: " أو ترك أهل الأسواق متاعهم في مقاعد ليس عليها حرز لم يضم ولم يربط أو أرسل رجل إبله ترعى أو تمضي على الطريق غير مقطورة أو أباتها بصحراء ولم يضطجع عندها أو ضرب فسطاطا فلم يضطجع فيه فسرق من هذا شيء لم يقطع لأن العامة لا ترى هذا حرزاً) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهُوَ نَوْعٌ سَادِسٌ مِنَ الْأَحْرَازِ وهو متعة أَهْلِ الْأَسْوَاقِ إِذَا وَضَعُوهَا لِلْبَيْعِ فَهِيَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ فِي حَوَانِيتِهِمْ، فَإِذَا فتح حانوته وجلس على بابه كان حرزاً لِجَمِيعِ مَا فِيهِ، فَإِنِ انْصَرَفَ عَنْهُ أَوْ نَامَ صَارَ مَا فِيهِ غَيْرَ مُحَرَّزٍ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ أَمْتِعَتُهُمْ فِي أَفْنِيَةِ أَسْوَاقِهِمْ وَطُرُقَاتِهِمْ فَالْحِرْزُ فِيهَا أَغْلَظُ؛ لِأَنَّ الْأَيْدِيَ إِلَى تَنَاوُلِهَا أَسْرَعُ، فَحِرْزُهَا مُعْتَبَرٌ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ:
أَحَدُهَا: أن يكون بَيْنَ يَدَيْهِ، فَإِنْ كَانَتْ وَرَاءَهُ فَلَيْسَتْ فِي حِرْزٍ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَرَى جَمِيعَهَا، فَإِنْ لَمْ ير منها شيئاً فليس فِي حِرْزٍ لِمَا لَا يَرَاهُ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يكون مجتمعاً لا تمشي بينه مارة في الطَّرِيقِ، فَإِنْ تَفَرَّقَ وَمَشَى فِيهِ مَارَّةُ الطَّرِيقِ لَمْ يَكُنْ حِرْزًا لَمَّا حَالَ الْمَاشِيَةُ بَيْنَهُ وبينه.
[(مسألة)]
قال الشافعي: " وَالْبُيُوتُ الْمُغْلَقَةُ حِرْزٌ لِمَا فِيهَا) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا نَوْعٌ سَابِعٌ مِنَ الْأَحْرَازِ وَهِيَ الْبُيُوتُ والأبنية في الأمصار والقرى، وينقسم ثلاثة أقسام: حوانيت متاجر، وَدُورُ مَسَاكِنَ، وَبُيُوتُ خَانَاتٍ.
فَأَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ وَهُوَ حَوَانِيتُ الْمُتَاجِرِ فِي الْأَسْوَاقِ فَلَهَا حَالَتَانِ.
لَيْلٌ وَنَهَارٌ، فَأَمَّا النَّهَارُ فَأَمْرُهَا أَخَفُّ لِانْتِشَارِ الناس فيها، فيكون حرزاً في نَفِيسِ الْمَتَاعِ لِمَا لَا يَكُونُ حِرْزًا لَهُ في الليل، أو يكون الْحَانُوتُ فِيهِ مُحْرَزًا بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ.
إِمَّا أَنْ يغلق بابه بإقفاله، وإما أن يَكُونَ مَفْتُوحًا وَفِيهِ صَاحِبُهُ.
وَأَمَّا اللَّيْلُ فَالْإِحْرَازُ فِيهِ أَغْلَظُ، فَتَكُونُ حَوَانِيتُ كُلِّ سُوقٍ حِرْزًا لِجِنْسِ أَمْتِعَةِ تِلْكَ