للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحدهما: ألا يكون منه إقرارا بِوَطْئِهَا وَلَيْسَ يَدَّعِي وَلَدَهَا. فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ الْوَلَدُ مَمْلُوكًا لَا يَلْحَقُ بِهِ، وَالْجَارِيَةُ فِي الرَّهْنِ إِلَّا أَنَّ الْوَلَدَ لَا يَدْخُلُ فِي الرَّهْنِ، لِأَنَّ نَمَاءَ الرَّهْنِ عِنْدَنَا خَارِجٌ مِنَ الرَّهْنِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ قَدْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا قَبْلَ الْقَبْضِ، فَالْوَلَدُ لَاحِقٌ بِهِ، وَهُوَ حُرٌّ إِذَا وَضَعَتْهُ لِزَمَانٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ مَا لَمْ يَدَّعِ اسْتِبْرَاءَهَا فَإِنِ ادعى استبراءها كان القول قوله مع يمينيه وَكَانَ الْوَلَدُ مَمْلُوكًا لَا يَلْحَقُ بِهِ إِلَّا أَنْ تَضَعَهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الِاسْتِبْرَاءِ فَيَلْحَقُ بِهِ.

فَأَمَّا خُرُوجُ الْأُمِّ مِنَ الرَّهْنِ فَقَدْ قَالَ أَبُو الْفَيَّاضِ فِي شَرْحِهِ: لَا يَخْرُجُ مِنَ الرَّهْنِ لَا يَخْتَلِفُ الْقَوْلُ فِيهِ قَالَ: لِأَنَّ الْوَلَدَ لَحِقَ بِهِ لِأَجْلِ الْفِرَاشِ لَا بِالِاعْتِرَافِ وَهَذَا الْقَوْلُ عِنْدِي غير صحيح؛ لأن خرجها مِنَ الرَّهْنِ إِنَّمَا يَكُونُ إِذَا صَارَتْ أُمَّ ولد، وهي تصير أم ولد بالفراش فَوَجَبَ أَنْ تَخْرُجَ مِنَ الرَّهْنِ إِذَا لَحِقَ وَلَدُهَا بِالِاعْتِرَافِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَإِنْ وَضَعَتْهُ لأقل من ستة أشهر خرجت من الراهن فَإِنْ وَضَعَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا فَعَلَى قَوْلَيْنِ.

فلو قالت الجارية: هذا الولد من زنا وَلَيْسَ مِنَ الرَّاهِنِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا لِأَنَّهَا قَدْ صَارَتْ فِرَاشًا بِالْوَطْءِ السَّابِقِ.

(فَصْلٌ)

فَإِذَا ثَبَتَ مَا وَصَفْنَا مِنْ حُكْمِ الْجَارِيَةِ إِذَا وَضَعَتْهُ فِي خُرُوجِهَا مِنَ الرَّهْنِ أَوْ بَقَائِهَا فِيهِ مَعَ لُحُوقِ وَلَدِهَا بِالرَّاهِنِ، انْتَقَلَ الْكَلَامُ إِلَى حُكْمِهَا إِنْ خَرَجَتْ مِنَ الرَّهْنِ وَإِلَى حُكْمِهَا إِنْ بَقِيَتْ فِي الرَّهْنِ، فَأَمَّا حُكْمُهَا إِنْ خَرَجَتْ مِنَ الرَّهْنِ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي وَصَفْنَا.

فَخُرُوجُهَا إِنَّمَا يَكُونُ بِعُلُوقٍ قَبْلَ الرَّهْنِ صَارَتْ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ فَبَطَلَ الرَّهْنُ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنِ الرَّهْنُ مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ فَقَدْ بَطَلَ الرَّهْنُ وَلَا خِيَارَ لِلْمُرْتَهِنِ وَإِنْ كَانَ مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ، فَلَا يَخْلُو حَالُ الْوَطْءِ الَّذِي كَانَ بِهِ الْإِحْبَالُ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ قَبْلَ عَقْدِ الرَّهْنِ أَوْ بَعْدَ عَقْدِ الرَّهْنِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ. فَإِنْ كَانَ الْوَطْءُ بَعْدَ عَقْدِ الرَّهْنِ وقبل القبض والبيع جَائِزٌ لَا يُخْتَلَفُ وَالرَّهْنُ بَاطِلٌ.

وَإِنَّمَا كَانَ الْبَيْعُ جَائِزًا؛ لِأَنَّ بُطْلَانَ الرَّهْنِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ كَانَ بَعْدَ الْعَقْدِ فَصَارَ بُطْلَانُهُ كَبُطْلَانِ الرَّهْنِ التَّالِفِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ وَذَلِكَ غَيْرُ مُبْطِلٍ لِلْبَيْعِ فَكَذَلِكَ هَذَا. وَإِذَا لَمْ يَبْطُلِ الْبَيْعُ فَالْبَائِعُ بِالْخِيَارِ بِعَقْدِ الرَّهْنِ الَّذِي شَرَطَهُ بَيْنَ إِمْضَاءِ الْبَيْعِ بِلَا رَهْنٍ وَبَيْنَ فَسْخِهِ.

وَإِنْ كَانَ الْوَطْءُ قَبْلَ الْعَقْدِ فَقَدْ بَانَ أَنَّهَا كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ حَالَ الْعَقْدِ، فَلَمْ يَجُزْ رَهْنُهَا وَلَا الْعَقْدُ عَلَيْهَا، وَصَارَ الثَّمَنُ معقودا بشرط رهن باطل فكان البيع قولان:

<<  <  ج: ص:  >  >>