الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بِشَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ عَلَى مُشَاهَدَةِ الْغَصْبِ أَوْ عَلَى إِقْرَارِهِ بِهِ لَزِمَهُ الْغَصْبُ وَالطَّلَاقُ مَعًا لِحِنْثِهِ بِهِ فِي يَمِينِهِ وَلَوْ كَانَتْ بَيِّنَتُهُ شَاهِدًا وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ شَاهِدًا وَيَمِينًا لَزِمَهُ الْغَصْبُ وَلَا يَلْزَمُ الطَّلَاقُ لِأَنَّ الْمَغْصُوبَ مَالٌ يَلْزَمُ بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَبِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَالطَّلَاقُ لَا يلزم بِشَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ لَا غَيْرَ. وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى مُعَايَنَةِ الْغَصْبِ وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى إِقْرَارِهِ بِالْغَصْبِ لَمْ تَكْمُلِ الْبَيِّنَةُ بِهِمَا لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْغَصْبِ غَيْرُ الْمُعَايَنَةِ بِالْغَصْبِ وَقِيلَ لِلْمُدَّعِي احْلِفْ مَعَ أَيِّهِمَا شِئْتَ حَتَّى تَكْمُلَ بَيِّنَتُكُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَيَلْزَمُهُ بِهَا الْغَصْبُ دُونَ الطَّلَاقِ. وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ غَصَبَهَا مِنْهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ غَصَبَهَا مِنْهُ يَوْمَ الْجُمْعَةِ لَمْ تَكْمُلِ الْبَيِّنَةُ بِهِمَا لِأَنَّ الْغَصْبَ فِي يَوْمِ الْجُمْعَةِ غَيْرُ الْغَصْبِ فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ فَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا رَأَيْتُهَا مَغْصُوبَةً فِي يَدِهِ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَقَالَ الْآخَرُ رَأَيْتُهَا مَغْصُوبَةً فِي يَدِهِ يَوْمَ الْجُمْعَةِ كَمُلَتِ الْبَيِّنَةُ بِهِمَا لِعَدَمِ التَّنَافِي. وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا أَقَرَّ عِنْدِي أَنَّهُ غَصَبَهَا يَوْمَ الْخَمِيسِ وَقَالَ الْآخَرُ أَقَرَّ عندي يوم الجمعة بغصبها كملت بِهِمَا لِعَدَمِ التَّنَافِي وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا أَقَرَّ عِنْدِي أَنَّهُ غَصَبَهَا يَوْمَ الْخَمِيسِ وَقَالَ الْآخَرُ أَقَرَّ عِنْدِي أَنَّهُ غَصَبَهَا يَوْمَ الْجُمْعَةِ لَمْ تَكْمُلِ الْبَيِّنَةُ لِأَنَّهُمَا غَصْبَانِ وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ غَصَبَهَا مِنْهُ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ غَصَبَهَا مِنْ وَكِيلِهِ لَمْ تَكْمُلِ الْبَيِّنَةُ لِأَنَّ الْغَصْبَ مِنْهُ غَيْرُ الْغَصْبِ مِنْ وَكِيلِهِ وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا غَصَبْتَهُ مِنْ وَكِيلِهِ وَقَالَ الْآخَرُ غَصَبْتَهُ إِيَّاهَا وَلَمْ يَقُلْ غَصَبْتَهَا مِنْهُ كَمُلَتِ الْبَيِّنَةُ بِهِمَا لِأَنَّ الْمَغْصُوبَ مِنْ وَكِيلِهِ مَغْصُوبٌ مِنْهُ فلم تتنافى الشهادتان.
[مسألة]
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " وَلَوْ غَصَبَهُ دَابَّةً فضاعت فأدى قيمتها ثم طهرت رُدَّتْ عَلَيْهِ وَرَدَّ مَا قُبِضَ مِنْ قِيمَتِهَا لِأَنَّهُ أَخَذَ قِيمَتَهَا عَلَى أَنَّهَا فائتةٌ فَكَانَ الْفَوتُ قَدْ بَطَلَ لَمَّا وُجِدَتْ وَلَوْ كَانَ هَذَا بَيْعًا مَا جَازَ أَنْ تُبَاعَ دابةٌ غائبةٌ كعينٍ جُنِيَ عَلَيْهَا فَابْيَضَّتْ أَوْ عَلَى سِنِّ صَبِيٍّ فَانْقَلَعَتْ فَأُخِذَ أَرْشُهَا بَعْدَ أَنْ أَيِسَ مِنْهَا ثُمَّ ذَهَبَ الْبَيَاضُ وَنَبَتَتِ السِّنُّ فَلَمَا عَادَا رَجِعَ حَقُّهُمَا وَبَطَلَ الْأَرْشُ بِذَلِكَ فيهما (وقال في موضع آخر) ولو قال الغاصب أنا أشتريها منك وهي في يدي قد عرفتها فباعه أياها فالبيع جائزٌ (قال المزني) رحمه الله منع بيع الغائب في إحدى المسألتين وأجازه فِي الْأُخْرَى ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ: إِذَا غصب عَبْدًا فَأَبَقَ أَوْ بَعِيرًا فَشَرَدَ أَوْ فَرَسًا فَفَرَّ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ رَدُّهُ مُمْكِنًا لِمَعْرِفَةِ مَكَانِهِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ رَدُّهُ مُمْتَنِعًا لِلْجَهْلِ بِمَكَانِهِ فَإِنْ كَانَ رَدُّهُ مُمْكِنًا وَمَكَانُهُ مَعْرُوفًا فَالْوَاجِبُ أَنْ يُؤْخَذَ الْغَاصِبُ بِطَلَبِهِ وَالْتِزَامِ الْمُؤْنَةِ فِي رَدِّهِ وَلَوْ كَانَتْ أَضْعَافَ قِيمَتِهِ كَمَا يُؤْخَذُ بِهَدْمِ بِنَائِهِ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ أَضْعَافًا فَلَوْ أَمَرَ الْغَاصِبُ مَالِكَهَا أَنْ يَسْتَأْجِرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute