للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا تحكم أرأيت إن عورضت فقيل لك نهى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أن تنكح المرأة على خالتها أو على عمتها وهذا اختيارٌ فأجزه فقال لا يجوز لأن عقده منهي عنه قيل وكذلك عقد الشغار منهي عنه (قال المزني) رحمه الله معنى قول الشافعي نهى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عن الشغار إنما نهى عن النكاح نفسه لا عن الصداق ولو كان عن الصداق لكان النكاح ثابتاً وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ: اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي صُورَةِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى وجهين:

أحدهما: صورتها أن تقول: قَدْ زَوَّجْتُكَ بِنْتِي عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي بِنْتَكَ عَلَى أَنَّ صَدَاقَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بُضْعُ الْأُخْرَى وَمِائَةُ دِرْهَمٍ فَيَصِحُّ النِّكَاحَانِ اعْتِبَارًا بِالِاسْمِ، وأنه لا يسمى مع المهر مذكوراً شِغَارًا خَالِيًا، وَيَكُونُ لِكُلٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَهْرُ مِثْلِهَا لِفَسَادِ الصَّدَاقِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ شِغَارٌ يَفْسُدُ فِيهِ النِّكَاحَانِ اعْتِبَارًا بِالْمَعْنَى وهو التشريك في البضع وهو أن صورة مسألة الشافعي - رضي الله تعالى عَنْهُ - الَّتِي لَمْ يَجْعَلْهَا شِغَارًا أَنْ يَقُولَ: قد زَوَّجْتُكَ بِنْتِي عَلَى صَدَاقِ مِائَةٍ عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي بِنْتُكَ عَلَى صَدَاقِ مِائَةٍ، فَالنِّكَاحَانِ جَائِزَانِ، لِأَنَّهُ لَمْ يُشْرِكْ فِي الْبُضْعِ، وَلَا جَعَلَ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ مَعْقُودًا بِهِ، وَيَبْطُلُ الصَّدَاقَانِ، لِأَنَّ فَسَادَ الشَّرْطِ رَاجِعٌ إِلَيْهِ فَأَسْقَطَ فِيهِ مَا قَابَلَهُ وَهُوَ مَجْهُولٌ فَصَارَ بَاقِيهِ مَجْهُولًا، وَالصَّدَاقُ الْمَجْهُولُ يُبْطَلُ وَلَا يَبْطُلُ بِهِ النِّكَاحُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ الَّذِي يَبْطُلُ بِبُطْلَانِ الثَّمَنِ، فَلَوْ قَالَ: قد زَوَّجَتُكَ بِنْتِي بِصَدَاقِ أَلْفٍ عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي بِنْتَكَ بِصَدَاقِ أَلْفٍ عَلَى أَنَّ بُضْعَ كُلِّ واحدة منها بضع الْأُخْرَى صَحَّ النِّكَاحَانِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، وَلَمْ يَكُنْ شِغَارًا لِمَا تَضَمَّنَهُ مِنْ تَسْمِيَةِ الصَّدَاقِ، وَبَطَلَ النِّكَاحَانِ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي، وَكَانَ شِغَارًا لِمَا فِيهِ مِنَ التَّشْرِيكِ فِي الْبُضْعِ، وَلَوْ قَالَ: زَوَّجْتُكَ بِنْتِي عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي بِنْتَكَ صَحَّ النِّكَاحَانِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ مَعًا، وَكَانَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَهْرُ مِثْلِهَا لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّهُ شَرْطٌ يَعُودُ فَسَادُهُ إِلَى الْمَهْرِ الْمُسْتَحَقِّ، وَلَوْ قَالَ: زَوَّجْتُكَ بِنْتِي عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي بِنْتَكَ عَلَى أَنَّ بُضْعَ بِنْتِي صَدَاقُ بِنْتِكَ بَطَلَ نِكَاحُ بِنْتِهِ، لِأَنَّهُ جَعَلَ بُضْعَهَا مُشْتَرَكًا، وَصَحَّ نِكَاحُهُ عَلَى بِنْتِ صَاحِبِهِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ بُضْعَهَا مُشْتَرَكًا، وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنَّ صَدَاقَ بِنْتِي بُضْعُ بِنْتِكَ صَحَّ نِكَاحُ بِنْتِهِ، وَبَطَلَ نِكَاحُهُ لِبِنْتِ صَاحِبِهِ، لِأَنَّ الِاشْتِرَاكَ فِي بُضْعِهَا، لَا فِي بُضْعِ بِنْتِهِ فَتَأَمَّلْهُ تَجِدْهُ مُسْتَمِرَّ التَّعْلِيلِ - وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ -.

فَصْلٌ

وَإِذَا قَالَ الرجل لرجل إن جئتني بكذا أو كذا إِلَى أَجَلٍ يُسَمِّيهِ فَقَدْ زَوَّجْتُكَ بِنْتِي، فَجَاءَهُ بِهِ فِي أَجَلِهِ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ، وَأَجَازَهُ مالك مع الكراهة إذا أشهد عَلَى نَفْسِهِ بِذَلِكَ اسْتِدْلَالًا، بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْفُوا العُقُودِ) {المائدة: ١) . وَهَذَا خَطَأٌ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:

<<  <  ج: ص:  >  >>