للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ)

: فَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ الشِّعْرَ فِي حُكْمِ الْكَلَامِ لَا يُخْرِجُهُ نَظْمُهُ عَنْ إِبَاحَتِهِ وَحَظْرِهِ فَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ مُسْتَحَبٌّ، وَمُبَاحٌ وَمَحْظُورٌ.

فَأَمَّا الْمُسْتَحَبُّ فَنَوْعَانِ:

أَحَدُهُمَا: مَا حَذَّرَ مِنَ الْآخِرَةِ أَنْشَدَهُ فِيهِ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ:

(فَلَوْ كُنَّا إِذَا مِتْنَا تُرِكْنَا ... لَكَانَ الْمَوْتُ رَاحَةَ كُلِّ حَيِّ)

(وَلَكِنَّا إِذَا مِتْنَا بُعِثْنَا ... وَنُسْأَلُ بعده عن كل شيء)

وَأُنْشِدَ لِلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا:

(الْمَوْتُ خَيْرٌ مِنْ رُكُوبِ الْعَارِ ... وَالَعَارُ خَيْرٌ مِنْ دُخُولِ النَّارِ)

(وَاللَّهِ، مَا هَذَا وَهَذَا جَارِي ... )

وَالثَّانِي: مَا حَثَّ عَلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ كَالْمَحْكِيِّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّهُ مَرَّ بِبَابِ قَوْمٍ فَسَمِعَ رَجُلًا يُنْشِدُ:

(أَنْتِ أُخْتِي وَحُرْمَةُ جَارِي ... وَحَقِيقٌ عَلَيَّ حِفْظُ الْجِوَارِ)

(إِنَّ لِلْجَارِ إِنْ نُصِيبُ لَنَا ... حَافِظًا لِلنَّصِيبِ فِي الْإِسْرَارِ)

(مَا أُبَالِي إِنْ كَانَ بِالْبَابِ سِتْرُهُ ... مُسْبَلٌ، أَوْ يَبْقَى بِغَيْرِ سِتَارِ)

فَدَقَّ الْبَابَ وَقَالَ: عَلِّمُوا فِتْيَانِكُمْ مِثْلَ هَذَا الشِّعْرِ.

فَهَذَانِ النَّوْعَانِ مُسْتَحَبَّانِ، وَهُمَا أَحْفَظُ لِلْعَدَالَةِ، وَأَبْعَثُ عَلَى قَبُولِ الشَّهَادَةِ.

وَأَمَّا الْمُبَاحُ: فَمَا سَلِمَ مِنْ فُحْشٍ أَوْ كَذِبٍ، وَهُوَ نَوْعَانِ:

أَحَدُهُمَا: مَا جَلَبَ نَفْعًا.

وَالثَّانِي: مَا لَمْ يَعُدْ بِضَرَرٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>