وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُقْبَلْ مِنْ شَاهِدِ الْأَصْلِ حَتَّى يَشْهَدَ مَعَهُ غَيْرُهُ، لَمْ يُقْبَلْ مِنْ شَاهِدَيِ الْفَرْعِ حَتَّى يَشْهَدَ مَعَهُمَا غَيْرُهُمَا.
( [الْقَوْلُ فِي اعْتِبَارِ الْعَدَدِ بِحَسْبَ الْأَحْكَامِ] )
(فَصْلٌ)
: فَإِذَا تَقَرَّرَ تَوْجِيهُ الْقَوْلَيْنِ، انْتَقَلَ الْكَلَامُ إِلَى اعْتِبَارِ الْعَدَدِ فِي شُهُودِ الْفَرْعِ، وَهُوَ مُعْتَبَرٌ بِالْعَدَدِ فِي شُهُودِ الْأَصْلِ، وَالْعَدَدُ الْمُعْتَبَرُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَضْرُبٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ مِمَّا لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِالشَّاهِدَيْنِ. كَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْقِصَاصِ وَالْعِتْقِ وَالنَّسَبِ. فَفِي الْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ فِي شُهُودِ الْفَرْعِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: شَاهِدَانِ يَتَحَمَّلَانِ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ شَاهِدَيِ الْأَصْلِ. إِذَا جُعِلَ ثُبُوتُ الْحَقِّ بِشُهُودِ الْأَصْلِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَرْبَعَةٌ يَشْهَدُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ شَاهِدَيِ الْأَصْلِ اثنان إذا جعل ثبوت الحق بشهود كالفرع.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ كَالْأَمْوَالِ. فَفِي الْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ فِي شُهُودِ الْفَرْعِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: شَاهِدَانِ يَتَحَمَّلَانِ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ، إِذَا جُعِلَ ثُبُوتُ الْحَقِّ بِشُهُودِ الْأَصْلِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: سِتَّةٌ يَتَحَمَّلُونَ كُلُّ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ عَنْ وَاحِدٍ مِنَ الثَّلَاثَةِ، إذا جعل ثبوت الحق بشهود الفرع.
والضرب الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ مِمَّا لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِأَرْبَعَةِ رِجَالٍ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَا، فَإِنْ قِيلَ: إِنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى لَا تَجُوزُ، لَمْ يَجُزْ تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ فِيهَا.
وَإِنْ قِيلَ بِجَوَازِهَا فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى كَجَوَازِهَا فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ، كَانَ عَدَدُ الشُّهُودِ مُعْتَبَرًا بِأَصْلَيْنِ، فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَصْلَيْنِ قَوْلَانِ.
أَحَدُ الْأَصْلَيْنِ: فِي شَاهِدَيِ الْفَرْعِ إِذَا شَهِدَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ شُهُودِ الْأَصْلِ، هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَا عَلَى غَيْرِهِ مِنْهُمْ؟ وَفِيهِ قَوْلَانِ:
وَالْأَصْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْإِقْرَارَ بِالزِّنَا، هَلْ يَثْبُتُ بِشَاهِدَيْنِ أَوْ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِأَرْبَعَةٍ كَالشَّهَادَةِ عَلَى فِعْلِ الزِّنَا؟ وَفِيهِ قَوْلَانِ لِأَنَّ تَحَمُّلَ الشَّهَادَةِ كَالْإِقْرَارِ فَصَارَ بِاجْتِمَاعِ هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ فِي عَدَدِ شُهُودِ الْفَرْعِ أَرْبَعَةَ أقاويل:
أحدهما: اثْنَانِ يَتَحَمَّلَانِ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَرْبَعَةِ. إِذَا جَعَلَ شَاهِدَيِ الْفَرْعِ أَنْ