الْخُرُوجُ مِنْ صَوْمِ الْمَفْرُوضِ وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ، فَأَمَّا صَوْمُ التَّطَوُّعِ فَمُخَالِفٌ لَهُ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهَا الْخُرُوجُ مِنْهُ، وَمِنْ ذَلِكَ الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ يَمْنَعَانِ الْوَطْءَ بِالشَّرْعِ، فَأَمَّا الِاسْتِحَاضَةُ فَلَا تَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ، وَمِنْ ذَلِكَ الرِّدَّةُ عَنِ الْإِسْلَامِ يحرم فيها الوطء، فإن وُجِدَ فِي زَمَانِ الْمُطَالَبَةِ وَهُوَ الْوَقْفُ الثَّانِي هَذِهِ الْأَسْبَابُ الْمَانِعَةُ مِنَ الْوَطْءِ مِنْ جِهَتِهَا مَنَعَهَا ذَلِكَ مِنَ الْمُطَالَبَةِ بِحَقِّهَا مِنَ الْإِيلَاءِ سَوَاءٌ كَانَ مَنْعَ عَجْزٍ أَوْ مَنْعَ شَرْعٍ؛ لِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ بِالْفَيْئَةِ يَكُونُ مَعَ اسْتِحْقَاقِهَا وَهِيَ تَسْتَحِقُّهَا إِذَا قَدَرَتْ عَلَى التَّمْكِينِ مِنْهَا وَهِيَ غَيْرُ قَادِرَةٍ عَلَى التَّمْكِينِ فَسَقَطَ الِاسْتِحْقَاقُ، وَإِذَا سَقَطَ الِاسْتِحْقَاقُ سَقَطَتِ الْمُطَالَبَةُ، وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ التَّقْسِيمِ في المسطور والله أعلم.
[(مسألة:)]
قال الشافعي رضي الله عنه: (إِذَا كَانَ الْمَنْعُ لَيْسَ مِنْ قِبَلِهِ مِثْلُ أَنْ تَكُونَ صَبِيَّةً أَوْ مُضْنَاةً لَا يَقْدِرُ عَلَى جِمَاعِهَا، فَإِذَا صَارَتْ فِي حَدِّ مَنْ تُجَامَعُ اسْتُؤْنِفَتْ بِهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ، إِذَا وُجِدَتْ هَذِهِ الْمَوَانِعُ الَّتِي مِنْ جِهَتِهَا فِي مُدَّةِ التَّرَبُّصِ وَهُوَ الْوَقْفُ الْأَوَّلُ فَجَمِيعُهَا غَيْرُ مَحْسُوبٍ عَلَى الزَّوْجِ لِمَنْعِهَا مِنَ الْإِصَابَةِ إِلَّا الْحَيْضَ وَحْدَهُ فَإِنَّ زَمَانَهُ مَحْسُوبٌ عَلَى الزَّوْجِ وَإِنْ كَانَ مَانِعًا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِنَ الْمَوَانِعِ أَنَّ الْحَيْضَ حلته وَانْقِطَاعُهُ فِي مُدَّةِ التَّرَبُّصِ غَيْرُ مَعْهُودٍ، وَخُلُوُّ الْمُدَّةِ مِنْهُ فِي الْغَالِبِ غَيْرُ مَوْجُودٍ، فَصَارَ زَمَانُهُ مَحْسُوبًا فَلَيْسَ كَغَيْرِهِ مِنَ الْمَوَانِعِ الَّتِي تَخْلُو مُدَّةُ التَّرَبُّصِ مِنْهَا فِي الْأَغْلَبِ، فَإِنْ طَرَأَتْ فِيهَا كَانَتْ نَادِرَةً فَلِذَلِكَ كَانَ زَمَانُهَا غَيْرَ مَحْسُوبٍ، أَلَا تَرَى أَنَّ وُجُودَ الْحَيْضِ فِي صَوْمِ الشَّهْرَيْنِ الْمُتَتَابِعَيْنِ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ لَا يَبْطُلُ تَتَابُعُهُ بِالْحَيْضِ لِتَعَذُّرِ خُلُوِّهِ مِنْهُ، ويبطل تتابعه بفطر ما سوى الحيض لإمكانه خُلُوِّهِ مِنْهُ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ وُجُودِ الْحَيْضِ فِي زَمَانِ الْمُطَالَبَةِ فَيَمْنَعُ مِنْهَا كَغَيْرِهِ مِنَ الْمَوَانِعِ، وَبَيْنَ وُجُودِهِ فِي مُدَّةِ التَّرَبُّصِ فَيُحْتَسَبُ بِزَمَانِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنَ الْمَوَانِعِ، هُوَ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَخْلُوَ مِنْهُ زَمَانُ الْمُطَالَبَةِ فِي الْأَغْلَبِ فَسَاوَى غَيْرَهُ مِنَ الْمَوَانِعِ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَخْلُوَ مِنْهُ زَمَانُ التَّرَبُّصِ فِي الْأَغْلَبِ فَخَالَفَ غَيْرَهُ مِنَ الْمَوَانِعِ وَجَرَى وُجُودُهُ فِي زَمَانِ الْمُطَالَبَةِ مَجْرَى وُجُودِهِ فِي صَوْمِ الثَّلَاثِ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ يَبْطُلُ تَتَابُعُهَا لِإِمْكَانِ خُلُوِّهَا مِنْهُ. وَجَرَى وُجُودُهُ فِي مُدَّةِ التَّرَبُّصِ مَجْرَى وُجُودِهِ فِي صَوْمِ الشَّهْرَيْنِ الْمُتَتَابِعَيْنِ لَا يَبْطُلُ تَتَابُعُهُمَا لِتَعَذُّرِ خُلُوِّهَا مِنْهُ.
فَأَمَّا النِّفَاسُ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ غَيْرُ قَاطِعٍ لِمُدَّةِ التَّرَبُّصِ وَمَحْسُوبٌ فِيهِ؛ لِأَنَّ أَحْكَامَ الْحَيْضِ عَلَيْهِ جَارِيَةٌ فَأَشْبَهَ الْحَيْضَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute