أَحَدُهَا: أَنْ يَعْلَمَ صَاحِبُ الْإِنَاءِ بِالْبَهِيمَةِ، وَلَا يَعْلَمَ صَاحِبُ الْبَهِيمَةِ بِالْإِنَاءِ، فَيَخْتَصُّ الْحِفْظُ بِصَاحِبِ الْإِنَاءِ، وَيَكُونُ إِنَاؤُهُ هَدَرًا كَالْقِسْمِ الْأَوَّلِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَعْلَمَ صَاحِبُ الْبَهِيمَةِ بِالْإِنَاءِ، وَلَا يَعْلَمَ صَاحِبُ الْإِنَاءِ بِالْبَهِيمَةِ، فَيَخْتَصُّ الْحِفْظُ بِصَاحِبِ الْبَهِيمَةِ، وَيَكُونُ الْإِنَاءُ مَضْمُونًا كَالْقِسْمِ الثَّانِي.
وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ: أَنْ يَعْلَمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِذَلِكَ؛ فَيَصِيرُ الْحِفْظُ عَلَيْهِمَا، وَيَكُونُ الضَّمَانُ بِصَاحِبِ الْبَهِيمَةِ أَخَصَّ لِزِيَادَةِ فِعْلِهَا كَالْقِسْمِ الثَّالِثِ.
وَالضَّرْبُ الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَيْرَ عَالِمٍ بِالْآخَرِ، فَفِي ضَمَانِ الْإِنَاءِ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى اختلاف الوجهين من ضمان البهيمة إذا وقفت بفناء داره، فأتلفت.
أحد الوجهين: أَنَّ الْإِنَاءَ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى صَاحِبِ الْبَهِيمَةِ، فَيَكُونُ كَالْقِسْمِ الْأَوَّلِ فِي كَسْرِهِ لِخَلَاصِ الْبَهِيمَةِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَضْمُونًا عَلَى صَاحِبِ الْبَهِيمَةِ فَيَكُونُ كَالْقِسْمِ الثَّانِي فِي اعْتِبَارِ حَالِ الْبَهِيمَةِ فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَأْكُولَةٍ؛ لَمْ تُذْبَحْ وَكُسِرَ الْإِنَاءُ لِخَلَاصِهَا وَضُمِنَ، وَإِنْ كَانَتْ مَأْكُولَةً، فَفِي ذَبْحِهَا وَجْهَانِ، بِنَاءً عَلَى مَا مَضَى.
[(مسألة)]
قال الشافعي: " ولو جعل في داره كلبا عقوراً أو حبالة فَدَخَلَ إِنْسَانٌ فَقَتَلَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ (قال المزني) وسواء عندي أذن له في الدخول أو لم يأذن له) .
قال الماوردي: فقد مضت مثل هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي حَفْرِ الْبِئْرِ فِي دَارِهِ، فَإِذَا رَبَطَ فِي دَارِهِ سَبُعًا، أَوْ كَلْبًا عَقُورًا، أَوْ نَصَبَ فِيهَا أُحْبُولَةً، أَوْ شَرَكًا فَدَخَلَ إِلَيْهَا مَنْ هَلَكَ بِهَا فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَدْخُلَهَا بِغَيْرِ إِذْنِ مَالِكِهَا، فَنَفْسُهُ هَدَرٌ لِتَعَدِّيهِ بِالدُّخُولِ.
وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يكرهه رب الدار على الدخول فيها فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَتَّصِلَ الْإِكْرَاهُ بِالتَّلَفِ فَيَكُونُ مَضْمُونًا بِالدِّيَةِ عَلَى الْمُكْرِهِ؛ لِتَعَدِّيهِ بِالْإِكْرَاهِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ لَا يَتَّصِلَ الْإِكْرَاهُ بِالتَّلَفِ، فَفِي اسْتِصْحَابِ حُكْمِهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مستصحب الحكم إلى التَّلَفِ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَى الْمُكْرِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: قَدْ زَالَ حُكْمُهُ بِانْقِطَاعِهِ فَيَكُونُ كَغَيْرِ الْمُكْرَهِ.
وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَأْذَنَ وَلَا يكره فإن علم الدَّاخِلُ بِالْحَالِ، أَوْ كَانَ الْمَوْضِعُ مُضِيئًا وَالدَّاخِلُ بصيراً، أو كان التَّحَرُّزُ مِنْ ذَلِكَ مُمْكِنًا، فَلَا ضَمَانَ فِيهِ، ونفس الداخل