فإن قيل: إن القبول هو المملك، فالولد مملوك لورثة الموصي لم يجز عليه للموصي مِلْكٌ وَجْهًا وَاحِدًا.
وَإِنْ قِيلَ إِنَّ الْقَبُولَ يَدُلُّ عَلَى تَقَدُّمِ الْمِلْكِ بِالْمَوْتِ، فَالْوَلَدُ حُرٌّ لَمْ يَجْرِ عَلَيْهِ رِقٌّ، وَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ، وَقَدْ صَارَتِ الْأُمُّ بِهِ، أُمَّ وَلَدٍ لِأَنَّهَا عَلِقَتْ بِهِ فِي مِلْكِ الْمُوصَى لَهُ، وَلَا يُقَوَّمُ الْوَلَدُ عَلَيْهِ فِي الثُّلُثِ وَجْهًا وَاحِدًا، لِأَنَّهُ لَمْ يَجْرِ عَلَيْهِ رِقٌّ، وَإِنَّمَا تُقَوَّمُ الأم عند الموت، وقد كانت عنده حَائِلًا.
فَصْلٌ:
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ: وَهُوَ أَنْ تَضَعَهُ بَعْدَ قَبُولِ الْمُوصَى لَهُ، فَهَذَا عَلَى أَرْبَعَةٍ أَضْرُبٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْوَصِيَّةِ:
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ حَادِثًا بَعْدَ الْوَصِيَّةِ وَقَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ حَادِثًا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَقَبْلَ الْقَبُولِ.
وَالرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ حَادِثًا بَعْدَ الْقَبُولِ.
فَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْوَصِيَّةِ، مِثْلَ أَنْ تَضَعَهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حين الوصية بالولد لِلْمُوصَى لَهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ مَعًا سَوَاءٌ قِيلَ إن للحمل حكم، أو قيل إنه يكون تبعا، لِأَنَّهُ إِنْ قِيلَ إِنَّ لَهُ حُكْمًا، فَهُوَ مَعَ الْأُمِّ مُوصًى بِهِمَا.
وَإِنْ قِيلَ: يَكُونُ تَبَعًا فَحُكْمُهُ مُعْتَبَرٌ بِحَالِ الْوِلَادَةِ، وَهُوَ مَوْلُودٌ فِي مِلْكِ الْمُوصَى لَهُ وَإِذَا كَانَ لَهُ فَقَدْ عُتِقَ عَلَيْهِ بَعْدَ رِقِّهِ، فَلَهُ وَلَاؤُهُ، فَلَا تَكُونُ أُمُّهُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ.
وَإِنْ كان حادثا بعد الوصية، وقبل الموت: فَهُوَ أَنْ تَضَعَهُ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْوَصِيَّةِ، وَلِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ فَفِيهِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مَمْلُوكٌ لِلْمُوصِي، وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي يَقُولُ إِنَّ الْحَمْلَ حُكْمًا.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: إِنَّهُ لِلْمُوصَى لَهُ، إِذَا قِيلَ إِنَّ الْحَمْلَ تَبَعٌ.
فَعَلَى هَذَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ بَعْدَ رِقِّهِ، وَيَكُونُ لَهُ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ، وَلَا تَصِيرُ أُمُّهُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ.
وَإِنْ كَانَ حَادِثًا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي، وَقَبْلَ الْقَبُولِ فَهُوَ أَنْ تَضَعَهُ، لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ، وَلِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ من حين الْقَبُولِ، فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:
أَحَدُهَا: إِنَّهُ حُرٌّ من حين العلوق، لم يجر عليه [حكم] رق، وأن " أُمُّهُ " بِهِ أُمَّ وَلَدٍ.
وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي يَجْعَلُهُ بِالْقَبُولِ مَالِكًا. وَيَجْعَلُ الْحَمْلَ تَبَعًا مِنْ حِينِ الْمَوْتِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: إِنَّهُ حُرٌّ بَعْدَ رِقِّهِ. وَعَلَيْهِ الْوَلَاءُ لِأَبِيهِ، وَلَا تَكُونُ أُمُّهُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ.
وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي يَجْعَلُهُ بِالْقَبُولِ مَالِكًا، وَيَجْعَلُ الْحَمْلَ تَبَعًا.
والقول الثالث: أنه مملوك لورثة الموصي دون الموصى له.
وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي يَجْعَلُهُ بِالْقَبُولِ مَالِكًا، وَيَجْعَلُ لِلْحَمْلِ حُكْمًا.