للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَوَاءٌ كَانَ الْمَانِعُ أَبًا أَوْ أُمًّا لِقَوْلِ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تُوَلَّهُ وَالِدَةٌ عَلَى وَلَدِهَا ".

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَا كَافِرَيْنِ فَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَسْتَأْذِنَهُمَا، فَإِنْ أَسْلَمَا بَعْدَ كُفْرِهِمَا لَزِمَهُ اسْتِئْذَانُهُمَا إِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَلْتَقِ الزَّحْفَانِ، وَهَكَذَا لَوْ كَانَ الْأَبَوَانِ مُنَافِقَيْنِ لَمْ يَلْزَمْهُ اسْتِئْذَانُهُمَا، فَإِنْ تَابَا مِنَ النِّفَاقِ اسْتَأْذَنَهُمَا قَبْلَ الْتِقَاءِ الزَّحْفَيْنِ.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا: مُسْلِمًا وَالْآخَرُ مُشْرِكًا أَوْ مُنَافِقًا فَيَلْزَمُهُ اسْتِئْذَانُ الْمُسْلِمِ مِنْهُمَا دُونَ الْمُشْرِكِ وَالْمُنَافِقِ.

فَإِنْ قِيلَ: فَهَلَّا كَانَ شِرْكُ الْأَبَوَيْنِ كَشِرْكِ صَاحِبِ الدَّيْنِ، فِي أَنْ يَلْزَمَ اسْتِئْذَانُ الْأَبَوَيْنِ مَعَ شِرْكِهِمَا كَمَا يلزم استئذان صاحب الدين، أولا يَلْزَمُ اسْتِئْذَانُ صَاحِبِ الدَّيْنِ إِذَا كَانَ مُشْرِكًا كَمَا لَا يَلْزَمُ اسْتِئْذَانُ الْأَبَوَيْنِ.

قِيلَ: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الِاسْتِئْذَانَ فِي الدَّيْنِ لِحِفْظِهِ عَلَى مُسْتَحِقِّهِ فَاسْتَوَى فِيهِ الْمُسْلِمُ وَالْمُشْرِكُ، وَاسْتِئْذَانَ الْأَبَوَيْنِ لِأَجْلِ التَّدَيُّنِ، فَافْتَرَقَ فِيهِ الْمُسْلِمُ وَالْمُشْرِكُ.

(فَصْلٌ)

: فَأَمَّا اسْتِئْذَانُ الْجَدِّ وَالْجَدَّةِ فَإِنْ كَانَ الْأَبَوَانِ مَعْدُومَيْنِ أَوْ مُشْرِكَيْنِ أَوْ مُنَافِقَيْنِ قَامَا مَقَامَ الْأَبَوَيْنِ فِي وُجُوبِ اسْتِئْذَانِهِمَا، وَإِنْ كَانَ الْأَبَوَانِ بَاقِيَيْنِ مُسْلِمَيْنِ فَفِي وُجُوبِ اسْتِئْذَانِ الْجَدِّ وَالْجَدَّةِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَجِبُ اسْتِئْذَانُهُمَا لِحَجْبِهِمَا عَنِ الْوِلَايَةِ وَالْحَضَانَةِ بِالْأَبَوَيْنِ.

وَالثَّانِي: يَجِبُ اسْتِئْذَانُهُمَا لِوُجُودِ إِشْفَاقِ الْأَبَوَيْنِ فِيهِمَا.

(فَصْلٌ)

: وَلَوْ كَانَ الْأَبَوَانِ مَمْلُوكَيْنِ لَمْ يَلْزَمِ اسْتِئْذَانُهُمَا، لِأَنَّهُمَا لَا إِذْنَ لَهُمَا فِي أَنْفُسِهِمَا فَلَمْ يُعْتَبَرْ إِذْنُهُمَا فِي غَيْرِهِمَا.

وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ مَمْلُوكًا وَلَهُ أَبَوَانِ حُرَّانِ، فَأَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْأَبَوَانِ كَانَ إِذْنُ السَّيِّدِ مُغَلَّبًا عَلَى مَنْعِ الْأَبَوَيْنِ لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ مِنْهُمَا.

وَلَوْ كَانَ بَعْضُ الْوَلَدِ حُرًّا وَبَعْضُهُ مَمْلُوكًا لَزِمَهُ اسْتِئْذَانُ الْأَبَوَيْنِ بِمَا فِيهِ مِنْ حُرِّيَّةٍ، وَاسْتِئْذَانُ السَّيِّدِ بِمَا فِيهِ مِنْ رِقٍّ فَإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى الْإِذْنِ جَاهَدَ، وَإِنِ افْتَرَقُوا فِيهِ مُنِعَ.

(فَصْلٌ)

: وَإِذَا أَرَادَ الْوَلَدُ أَنْ يُسَافِرَ فِي غَيْرِ الْجِهَادِ لِتِجَارَةٍ أَوْ طَلَبِ عِلْمٍ، لَمْ يَخْلُ حَالُ أَبَوَيْهِ مِنْ أَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَا غَنِيَّيْنِ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُمَا فَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَسْتَأْذِنَهُمَا فِي سَفَرِهِ،

وَإِنْ لَزِمَهُ اسْتِئْذَانُهُمَا لِلْجِهَادِ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فِي الْمَقْصُودِ بِهِمَا، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْجِهَادِ التَّعَرُّضُ لِلشَّهَادَةِ، وَالْمَقْصُودَ بِغَيْرِهِ طَلَبُ السَّلَامَةِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْأَبَوَانِ فَقِيرَيْنِ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُمَا، أَوْ نَفَقَةُ أَحَدِهِمَا، فَيَكُونُ كَصَاحِبِ الدَّيْنِ، لِأَنَّ وُجُوبَ نَفَقَتِهِمَا كَالدَّيْنِ لَهُمَا فَيَجِبُ اسْتِئْذَانُهُمَا أَوِ اسْتِئْذَانُ مَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>