وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: إِنَّهَا تَرِثُ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ، فَإِنْ تَزَوَّجَتْ لَمْ تَرِثْ، وَهَذَا قَوْلُ الشَّعْبِيِّ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى.
وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ: تَرِثُ أَبَدًا وَإِنْ تَزَوَّجَتْ.
وَبِهِ قَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَعَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي تَوْجِيهِ هَذِهِ الْأَقَاوِيلِ وَمِنَ التَّفْرِيعِ فِي ذَلِكَ مَا أَغْنَى عن الإعادة.
مسألة: قال الشافعي: " وَلَوْ طَلَّقَ إِحْدَى امْرَأَتَيْهِ ثَلَاثًا فَمَاتَ وَلَا تُعْرَفُ اعْتَدَّتَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا تُكَمِّلُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فِيهَا ثَلَاثَ حِيَضٍ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا: فِي رَجُلٍ طَلَّقَ إِحْدَى زَوْجَتَيْهِ ثُمَّ مَاتَ فَطَلَاقُهُ عَلَى ضَرْبَيْنِ: مُعَيَّنٍ، وَمُبْهَمٍ فَإِنْ كَانَ طَلَاقُهُ مُعَيَّنًا لَمْ يَخْلُ حَالُهُ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:
إِمَّا أَنْ يُبَيِّنَ قَبْلَ مَوْتِهِ أَوْ لَا يُبَيِّنُ، فَإِنْ بَيَّنَ الْمُطَلَّقَةَ مِنْهُمَا قَبْلَ مَوْتِهِ فَقَدْ زَالَ حُكْمُ الْإِشْكَالِ وَأُجْرِيَ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ حُكْمُهَا فِي الطَّلَاقِ وَالْعِدَّةِ، وَأُجْرِيَ عَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا حُكْمُهَا فِي الْمِيرَاثِ وَالْعِدَّةِ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ وَكَانَ عِنْدَ الْوَرَثَةِ بَيَانٌ عُمِلَ عَلَى بَيَانِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْوَرَثَةِ بَيَانٌ فَقَدْ أُشْكِلَتِ الْمُطَلَّقَةُ مِنَ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا فَلَا يَخْلُو حَالُهُمَا مِنْ أَنْ تَتَّفِقَ أَحْوَالُهَا أَوْ تَخْتَلِفَ، فَإِنِ اتَّفَقَتْ أَحْوَالُهُمَا فَلَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ قَدْ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَالْمُطَلَّقَةُ مِنْهُمَا لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا عَلَيْهَا الْعِدَّةُ، وَإِذَا أَشْكَلَتَا اعْتَدَّتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا اسْتِظْهَارًا لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا عِدَّةَ الْوَفَاةِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ فِيهَا حَيْضٌ لِتَنْقَضِيَ عِدَّةُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا وَلَا يَضُرُّ اعْتِدَادُ الْمُطَلَّقَةِ فِي حُكْمِ الِاسْتِظْهَارِ مَعَ حُدُوثِ الْإِشْكَالِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا، فعلى كل واحد منهما والعدة يَقِينًا لَكِنَّهُمَا يَخْتَلِفَانِ فِيهِمَا، فَعَلَى الْمُطَلَّقَةِ عِدَّةُ الطَّلَاقِ وَعَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يَخْلُو حَالُهُمَا مَعَ اتِّفَاقِهِمَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
إِمَّا أَنْ يَكُونَا مِنْ ذَوَاتِ الْحَمْلِ، أَوْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ، أَوْ مِنْ ذَوَاتِ الشُّهُورِ، فَإِنْ كَانَتَا مِنْ ذَوَاتِ الْحَمْلِ فَقَدِ اتَّفَقَا فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ، وَعِدَّةِ الْوَفَاةِ، لِأَنَّ عِدَّةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَضْعُ الْحَمْلِ فَأَيَّتُهُمَا وَضَعَتْ حَمْلَهَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، وَإِنْ كَانَتَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ لَمْ يَخْلُ حَالُ الطلاق في أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا، فَإِنْ كَانَ رَجْعِيًّا فَلَا يَخْلُو مَوْتِ الزَّوْجِ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا، فَإِنْ كَانَ مَوْتُهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ العدة فكل واحد مِنْهُمَا زَوْجَةٌ تَعْتَدُّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ وَيُحْكَمُ لَهَا بِالْمِيرَاثِ، لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ مَا لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا فَعَلَى هَذَا تَعْتَدُّ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ اعْتِدَادًا يَشْتَرِكَانِ فِي وُجُوبِهِ وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ فِيهِمَا حَيْضٌ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute