للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(مسألة)]

: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَالْأَيْمَانُ فِي الدِّمَاءِ مُخَالِفَةٌ لِغَيْرِهَا لَا يُبْرَأُ مِنْهُ إِلَّا بِخَمْسِينَ يَمِينًا وَسَوَاءٌ النَّفْسُ وَالْجُرْحُ فِي هَذَا نَقْتُلُهُ وَنَقُصُّهُ مِنْهُ بِنُكُولِهِ وَيَمِينِ صاحبه (قال المزني) رحمه الله: قطع في الإملاء بأن لا قسامة بدعوى ميت ولكن يحلف المدعى عليه ويبرأ فإن أبى حلف الأولياء واستحقوا دمه وإن أبوا بطل حقهم وقال في الكتاب اختلاف الحديث من ادعى دما ولا دلالة للحاكم على دعواه كالدلالة التي قَضَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بالقسامة أحلف المدعى عليه كما يحلف فيما سوى الدم (قال المزني) رحمه الله: وهذا به أشبه ودليل آخر حكم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في القسامة بتبدئة المدعي لا غيره وحكم فيما سوى ذلك بتبدئة يمين المدعى عليه لا غيره فإذا حكم الشافعي فيما وصفت بتبدئة المدعى عليه ارتفع عدد أيمان القسامة ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ مَضَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي كتاب القسامة، وذكرنا أن دعوى الدماء، يخالف دَعْوَى الْأَمْوَالِ، مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: بِالتَّبْدِئَةِ بِيَمِينِ الْمُدَّعِي مَعَ اللَّوْثِ، وَبِأَعْدَادِ الْأَيْمَانِ خَمْسِينَ يَمِينًا،. وَإِذَا اخْتَصَّتِ الدِّمَاءُ بِهَذَيْنِ الْحُكْمَيْنِ لَمْ تَخْلُ دَعْوَاهُمَا مِنْ أَنْ تَكُونَ فِي نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ، فَإِنْ كَانَتْ فِي نَفْسٍ لَمْ يَخْلُ أَنْ يَكُونَ مَعَهَا لَوْثٌ، أَمْ لَا.

فَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا لَوْثٌ تَعَلَّقَ عَلَيْهِمَا الْحُكْمَانِ فِي التَّبْدِئَةِ بِيَمِينِ الْمُدَّعِي وَبِإِحْلَافِهِ خَمْسِينَ يَمِينًا، فَإِنْ كَانَ الْوَلِيُّ وَاحِدًا، أُحْلِفَ خَمْسِينَ يَمِينًا وَاسْتَحَقَّ الدَّمَ، وَفِيمَا يَسْتَحِقُّهُ بِهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: الْقَوَدُ قَالَهُ فِي الْقَدِيمِ.

وَالثَّانِي: الدِّيَةُ قَالَهُ فِي الْجَدِيدِ.

وَإِنْ كَانَ وَلِيُّ الدَّمِ جَمَاعَةٌ فَفِي أَيْمَانِهِمْ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: إِنَّهُ يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ خَمْسِينَ يَمِينًا، يَسْتَوِي فِيهِ مَنْ قَلَّ سَهْمُهُ وَكَثُرَ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: إِنَّ الْخَمْسِينَ يُقَسَّطُ بَيْنَهُمْ، عَلَى قَدْرِ مِيرَاثِهِ، فَيَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِقَدْرِ قِسْطِهِ مِنْ مَوَارِيثِهِ، بِجَبْرِ الْكَسْرِ، فَإِنْ كَانُوا ابْنًا وَبِنْتًا حَلَفَ الِابْنُ أَرْبَعَةً وَثَلَاثِينَ يَمِينًا، وَحَلَفَتِ الْبِنْتُ سَبْعَ عَشْرَةَ يَمِينًا.

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ الدَّعْوَى لَوْثٌ، سَقَطَتِ التَّبْدِئَةُ بِيَمِينِ الْمُدَّعِي وَأُحْلِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا يُبْتَدَأُ بِإِحْلَافِهِ فِي دَعْوَى الْأَمْوَالِ، وَلَكِنْ هَلْ تُغَلَّظُ الدَّعْوَى بِعَدَدِ الْأَيْمَانِ أَمْ لَا؟ عَلَى قولين:

<<  <  ج: ص:  >  >>