للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ كَانَ مِنْ جِهَتِهِ بَطَلَ النِّكَاحُ إِنْ كَانَ مَعَهَا غَيْرُهَا، وَصَحَّ إِنِ انْفَرَدَ بِنَفْسِهَا، لِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّ الْقَسْمَ مَعَ غَيْرِهَا وَلَا تَسْتَحِقُّهُ بِانْفِرَادِهَا.

وَأَمَّا إِنْ كَانَ الشَّرْطُ أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَيْهَا سَنَةً:

فَقَدْ قَالَ الرَّبِيعُ: إِنْ كَانَ الشَّرْطُ مِنْ جِهَتِهِ صَحَّ النِّكَاحُ، لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ مِنَ الدُّخُولِ بِغَيْرِ شَرْطٍ، وَإِنْ كَانَ مِنْ جِهَتِهَا بَطَلَ النِّكَاحُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَمْنَعَهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، فَصَارَ الشَّرْطُ مَانِعًا مِنْ مَقْصُودِ الْعَقْدِ.

وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا بَعْدَ شَهْرٍ فَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ صَحَّ الْعَقْدُ، لِأَنَّ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، وَإِنْ كَانَ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجَةِ بَطَلَ الْعَقْدُ، لِأَنَّهُ مَنَعَ مِنِ اسْتِدَامَةِ الْعَقْدِ.

وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ يُخَالِعَهَا بَعْدَ شَهْرٍ.

فَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ مِنْ جِهَتِهَا بَطَلَ الْعَقْدُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ جِهَتِهِ فَفِي بُطْلَانِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْعَقْدَ بَاطِلٌ، لِأَنَّهُ قَدْ أَوْجَبَ عَلَيْهَا بِالْخُلْعِ بَذْلَ مَا لَا يَلْزَمُهَا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْعَقْدَ صَحِيحٌ، لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَمْ يَمْنَعْ مِنْ مَقْصُودِ الْعَقْدِ، فَصَارَ عَائِدًا إِلَى الصَّدَاقِ، فَبَطَلَ بِهِ الصَّدَاقُ، وَكَانَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ.

فَصْلٌ: وَأَمَّا الْقِسْمُ الرَّابِعُ

: وَهُوَ مَا اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ فَهُوَ مَا رَفَعَ بدل الْمَقْصُودِ بِالْعَقْدِ وَذَلِكَ شَأْنُ الصَّدَاقِ وَالنَّفَقَةِ.

فَإِذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ لَا نَفَقَةَ لَهَا أَبَدًا.

فَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ مِنْ جِهَتِهَا تَوَجَّهَ إِلَى الصَّدَاقِ دُونَ النِّكَاحِ، لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهَا إِنْ تَرَكَتْهُ جَازَ، فَلِذَلِكَ تَوَجَّهَ إِلَى الصَّدَاقِ دُونَ النِّكَاحِ فَيَبْطُلُ الصَّدَاقُ بِبُطْلَانِ الشَّرْطِ فِي النَّفَقَةِ، وَهُوَ بَاطِلٌ بِاشْتِرَاطِ سُقُوطِهِ، وَالنِّكَاحُ جَائِزٌ وَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ وَالنَّفَقَةُ.

وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ فَهَلْ يَقْدَحُ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ قَادِحٌ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ فَيَكُونُ بَاطِلًا، لِأَنَّ ذَلِكَ مَقْصُودُ الْعَقْدِ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجَةِ فَصَارَ كَالْوَلِيِّ الَّذِي هُوَ مَقْصُودُ الْعَقْدِ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ غَيْرُ قَادِحٍ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ، لِجَوَازِ خُلُوِّ النِّكَاحِ مِنْ صَدَاقٍ وَنَفَقَةٍ، فَعَلَى هَذَا يَخْتَصُّ هَذَا الشَّرْطُ بِفَسَادِ الصَّدَاقِ دُونَ النِّكَاحِ، وَيُحْكَمُ لَهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ. وَاللَّهُ أعلم.

الْقَوْلُ فِي شُرُوطِ الْخِيَارِ فِي النِّكَاحِ

مَسْأَلَةٌ

قال الشافعي: " وَلَوْ أَصْدَقَهَا دَارًا وَاشْتَرَطَ لَهُ أَوْ لَهُمَا الْخِيَارَ فِيهَا كَانَ الْمَهْرُ فَاسِدًا ".

<<  <  ج: ص:  >  >>