وَالْحُكْمُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى بَعْضِ الْيَتَامَى دُونَ جَمِيعِهِمْ كَالْفُقَرَاءِ.
وَالْحُكْمُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَجْتَهِدَ الْإِمَامُ بِرَأْيِهِ فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمْ وَالتَّفْضِيلِ كَالْفُقَرَاءِ. وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي: أَنَّ الْفَقْرَ فِيهِمْ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ يَتَعَلَّقُ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَحْكَامٍ تُخَالِفُ تِلْكَ:
فَالْحُكْمُ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ يُخْتَصُّ بِذَلِكَ مَنْ قُتِلَ أَبُوهُ فِي الْجِهَادِ دُونَ غَيْرِهِ رِعَايَةً لِنُصْرَةِ الْآبَاءِ فِي الْأَبْنَاءِ كَذَوِي الْقُرْبَى.
وَالْحُكْمُ الثَّانِي: أَنْ يُفَرَّقَ فِي جَمِيعِهِمْ وَلَا يُخَصُّ بِهِ بَعْضُهُمْ فَعَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ يُفَرَّقُ فِي أَيْتَامِ جَمِيعِ الْأَقَالِيمِ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ يُفَرَّقُ فِي إِقْلِيمِ ذَلِكَ الثَّغْرِ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْأَقَالِيمِ.
وَالْحُكْمُ الثَّالِثُ: أنه يسوي بينهم من غير تفضيل كذي الْقُرْبَى وَأَنْ يُسَوَّى بَيْنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ بِخِلَافِ ذَوِي الْقُرْبَى؛ لِأَنَّ سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى كَالْمِيرَاثِ؛ ففضل فيه الذكر على الأنثى وسهم اليتامى عطية كالوقف والوصية يسوي فِيهِ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى.
فَصْلٌ:
وَأَمَّا الْمَسَاكِينُ وَالْفُقَرَاءُ يَدْخُلُونَ فِي جُمْلَتِهِمْ إِذَا أُطْلِقُوا وَكَذَلِكَ إِذَا أُطْلِقَ الْفُقَرَاءُ وَالْمَسَاكِينُ يَدْخُلُونَ فِي جُمْلَتِهِمْ وَيُمَيَّزُ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ إِذَا جُمِعُوا، وَالْفَقِيرُ هُوَ الَّذِي لَا شَيْءَ لَهُ، وَالْمِسْكِينُ هُوَ الَّذِي لَهُ مَا يَكْفِيهِ فَصَارَ الْفَقِيرُ أَسْوَأَ حَالًا مِنَ الْمِسْكِينِ وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ فِي قِسْمِ الصَّدَقَاتِ، وَإِذَا دَخَلَ الْفُقَرَاءُ مَعَ الْمَسَاكِينِ فِي سَهْمِهِمْ مِنَ الْخُمُسِ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي مُسْتَحِقِّيهِ مِنْهُمْ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَسْتَوِي فِيهِ جَمِيعُ الْمَسَاكِينِ مِنَ النَّاسِ كُلِّهِمْ لِدُخُولِ الْمَسْكَنَةِ فِي جَمِيعِهِمْ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يُخْتَصُّ بِهِ مَسَاكِينُ أَهْلِ الْجِهَادِ الَّذِينَ قَدْ عَجَزُوا عَنْهُ بِالْمَسْكَنَةِ أَوِ الزَّمَانَةِ وَلَا حَقَّ فِيهِ لِغَيْرِهِمْ مِنَ الْمَسَاكِينِ؛ لِأَنَّ مَالَ الْغَنِيمَةِ لِأَهْلِ الْجِهَادِ أَخَصُّ وَلِيَصِيرَ ذَوُو الْقُدْرَةِ عَلَى الْجِهَادِ أَحْرَصَ؛ فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ يَسْتَوِي فِي جَمِيعِ الْمَسَاكِينِ وَيَتَعَلَّقُ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَحْكَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُخْتَصَّ بِهِ بَعْضُ الْمَسَاكِينِ دُونَ جَمِيعِهِمْ كَالزَّكَاةِ.
وَالْحُكْمُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَجْتَهِدَ الْإِمَامُ بِرَأْيِهِ فِي التَّسْوِيَةِ وَالتَّفْضِيلِ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ.
وَالْحُكْمُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَجْمَعَ لَهُمْ بَيْنَ سَهْمِهِمْ مِنَ الزَّكَاةِ وَسَهْمِهِمْ مِنَ الْخُمُسِ وَحَقِّهِمْ فِي الْكَفَّارَاتِ فَيَصِيرُ إِلَيْهِمْ ثَلَاثَةُ أَمْوَالٍ:
وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي: أَنَّهُ يَخُصُّ بِهِ مَسَاكِينَ أَهْلِ الْجِهَادِ دُونَ غَيْرِهِمْ وَيَتَعَلَّقُ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَحْكَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُفَرَّقَ فِي جَمِيعِهِمْ وَلَا يُخْتَصُّ بِهِ بَعْضُهُمْ؛ فَعَلَى مذهب