(فَصْلٌ:)
وَإِذَا كَرَّرَ حَرْفَ الشَّرْطِ وَيُسَمِّيهِ أَهْلُ الْعِلْمِ اعْتِرَاضُ الشَّرْطِ عَلَى الشَّرْطِ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ إِذَا رَكِبْتِ إِنْ لَبِسْتِ، فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا، إِلَّا بِاللُّبْسِ وَالرُّكُوبِ فَإِنْ رَكِبَتْ وَلَبِسَتْ عَلَى مَا قَالَهُ فِي لَفْظِهِ فَإِنْ بَدَأَتْ بِالرُّكُوبِ، ثُمَّ عَقَّبَتْهُ بِاللُّبْسِ لَمْ تُطَلَّقْ، وَإِنْ خَالَفَتْ تَرْتِيبَ اللَّفْظِ فَبَدَأَتْ بِاللُّبْسِ وَعَقَّبَتْهُ بِالرُّكُوبِ، لِأَنَّ قَوْلَهُ إِذَا رَكِبْتِ إِنْ لَبِسْتِ فَقَدْ جَعَلَ اللُّبْسَ شَرَطًا فِي الرُّكُوبِ فَوَجَبَ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَيْهِ.، لِأَنَّ الشَّرْطَ يَتَقَدَّمُ عَلَى الْمَشْرُوطِ، وَهَكَذَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إِذَا قُمْتِ إِذَا قَعَدْتِ، لَمْ تُطَلَّقْ حَتَّى تُقَدِّمَ الْقُعُودَ عَلَى الْقِيَامِ، لِأَنَّهُ جَعَلَ الْقُعُودَ شَرْطًا فِي الْقِيَامِ، وَإِنْ كَانَ حَرْفُ الشَّرْطِ فِيهِمَا وَاحِدًا.
وَهَكَذَا لَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ أَكَلْتِ إِنْ تَكَلَّمْتِ، لَمْ تُطَلَّقْ حَتَّى يَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْأَكْلِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ إِذَا دَخَلْتِ الدَّارَ إِنْ كَلَّمْتِ زَيْدًا إِنْ ضَرَبْتِ عَمْرًا لَمْ تُطَلَّقْ، حَتَّى تَفْعَلَ الثَّلَاثَةَ بِعَكْسِ لَفْظِهِ، فَتَبْدَأُ بِضَرْبِ عَمْرٍو ثُمَّ بِكَلَامِ زَيْدٍ ثُمَّ بِدُخُولِ الدَّارِ، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا شَرْطٌ فِيمَا تَقَدَّمَهُ فَوَجَبَ أَنْ يَتَقَدَّمَهُ.
[(فصل: في (لو))]
وَإِذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ لَوْ دَخَلْتِ الدَّارَ، كَانَ شَرْطًا لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا إِلَّا بِدُخُولِ الدَّارِ وَجَرَى مَجْرَى إِنِ، الَّتِي تَكُونُ شَرْطًا، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ لَوْ دخلت الدار لخرجت مِنْهَا فَلَا طَلَاقَ عَلَيْهَا حَتَّى تَدْخُلَ الدَّارَ وَلَا يَخْرُجَ الزَّوْجُ مِنْهَا، فَإِنْ دَخَلَتْ وَخَرَجَ منها لم تطلق.
[(فصل: في (لولا))]
وَإِذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ لَوْلَا أَبُوكِ، فَلَا طَلَاقَ عَلَيْهِ، قَالَ الْمُزَنِيُّ فِي مَسَائِلِهِ الْمَنْثُورَةِ، لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ لَوْلَا أَبُوكِ لَطَلَّقْتُكِ، وَهَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ لَوْلَا جَمَالُكِ، فَلَا طَلَاقَ عَلَيْهِ لِأَنَّ مَعْنَاهُ لَوْلَا جَمَالُكِ لَطَلَّقْتُكِ.
وَإِذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ لَا لَمْ تُطَلَّقْ، لِأَنَّ أَوْ لِلتَّخْيِيرِ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ بَلْ لَا طُلِّقَتْ لِأَنَّ بَلْ لِلْإِضْرَابِ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَمْ لَا.
وَإِذَا قِيلَ لِلرَّجُلِ زَوْجَتُكَ هَذِهِ طَالِقٌ مِنْكَ، فَقَالَ: نَعَمْ كَانَ هَذَا ابْتِدَاءَ إِيقَاعٍ مِنْهُ لِلطَّلَاقِ فَجَرَى مَجْرَى قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ، فَيَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ وَلَا يُرَاعَى فِيهِ النِّيَّةُ، لِأَنَّهُ أَجَابَ إِلَى صَرِيحٍ فَجَرَى عَلَى جَوَابِهِ حُكْمُ الصَّرِيحِ، وَلَوْ قِيلَ لَهُ: طَلَّقْتَ امْرَأَتَكَ هَذِهِ، فَقَالَ: نعم، كان هذا إقرار بِالطَّلَاقِ، يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ بِإِقْرَارِهِ فِي الظَّاهِرِ وَيدينُ فِي الْبَاطِنِ إِنْ كَانَ كَاذِبًا وَلَا يَلْزَمُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute