نُقْصَانٌ قَدْ هَلَكَ بَعْدَ أَنْ حُمِلَ فَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ رَبِّهِ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يُحْمَلْ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِمَا يَدَّعِيهِ الْجَمَّالُ مِنَ الْحَمْلِ ثُمَّ هُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَرْجِعَ بِأُجْرَةِ النُّقْصَانِ أَوْ بِحَمْلِهِ.
فَصْلٌ
: وَأَمَّا الْقِسْمُ الرَّابِعُ وَهُوَ أَنْ يَدَّعِيَ رَبُّهُ أَنَّهُ نُقْصَانٌ قَدْ هَلَكَ بَعْدَ أَنْ حُمِلَ لِيَرْجِعَ عَلَى الْجَمَّالِ بِغُرْمِهِ وَيَدَّعِيَ الْجَمَّالُ أَنَّهُ نُقْصَانٌ لَمْ يُحْمَلْ فَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ الْجَمَّالِ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِمَا يَدَّعِيهِ رَبُّ الطَّعَامِ مِنَ الْغُرْمِ وَلَا رُجُوعَ لِرَبِّ الطَّعَامِ عَلَيْهِ بِأُجْرَةٍ ولا حمل لأنه بادعاء التلف مقراً بِاسْتِيفَاءِ حَقِّهِ مِنَ الْحَمْلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مَسْأَلَةٌ
قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَمُعَلِّمُ الْكِتَابِ وَالْآدَمِيِّينَ مخالفٌ لِرَاعِي الْبَهَائِمِ وَصُنَّاعِ الْأَعْمَالِ لِأَنَّ الْآدَمِيِّينَ يُؤَدَّبُونَ بِالْكَلَامِ فَيَتَعَلَّمُونَ وَلَيْسَ هَكَذَا مُؤَدِّبُ الْبَهَائِمِ فَإِذَا ضَرَبَ أَحَدًا مِنَ الْآدَمِيِّينَ لِاسْتِصْلَاحِ الْمَضْرُوبِ أَوْ غَيْرِ اسْتِصْلَاحِهِ فَتَلَفَ كَانَتْ فِيهِ ديةٌ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَالْكَفَّارَةُ فِي مَالِهِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ يَجُوزُ لِمُعَلِّمِ الصِّبْيَانِ أَنْ يُؤَدِّبَهُمْ بِالضَّرْبِ اسْتِصْلَاحًا لَهُمْ وَهَكَذَا الْأَبُ فِي وَلَدِهِ وَالزَّوْجُ عِنْدَ نُشُوزِ امْرَأَتِهِ فَإِنْ تَعَدَّى أَحَدُ هَؤُلَاءِ فِي الضَّرْبِ إِلَى أَنْ خَرَجَ فِيهِ إِلَى حَدِّ التَّلَفِ فَهُوَ قَاتِلٌ عَمْدًا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَوْدُ إِلَّا الْوَالِدَ فِي وَلَدِهِ فَتَلْزَمُهُ الدِّيَةُ دُونَ الْقَوْدِ وَلَمْ يَتَجَاوَزْ وَاحِدٌ الِاسْتِصْلَاحَ فَحَدَثَ مِنْهُ التَّلَفُ فَلَا قَوْدَ لِأَنَّهُ خَطَأٌ شِبْهُ الْعَمْدِ وَالضَّارِبُ ضَامِنٌ لِدِيَةِ الْمَضْرُوبِ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَالْكَفَّارَةُ فِي مَالِهِ.
وَقَالَ أبو حنيفة: إِذَا ضَرَبَ الْمُعَلِّمُ الصَّبِيَّ بِأَمْرِ أَبِيهِ لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ ضَرَبَهُ الْأَبُ بِنَفْسِهِ ضَمِنَ وَقَالَ أبو يوسف ومحمد الأب لا يضمن والمعلم يضمن وهذا أربى مِنْ قَوْلِ أبي حنيفة وَإِنْ كَانَ كِلَا الْقَوْلَيْنِ فَاسِدًا لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ يَضْمَنُ مَا حَدَثَ مِنَ اسْتِصْلَاحِ زَوْجَتِهِ بِالضَّرْبِ الْمُبَاحِ وَكَذَلِكَ الْأَبُ وَالْمُعَلِّمُ فَإِنْ قِيلَ فَلِمَ ضَمِنَ مَنْ هُوَ مُبَاحُ الضَّرْبِ وَمَا حَدَثَ عَنِ الْمُبَاحِ صَارَ كَالرَّائِضِ لَا يَضْمَنُ الدَّابَّةَ إِذَا ضَرَبَهَا قِيلَ الْمُبَاحُ مِنْ ضَرْبِ الْآدَمِيِّينَ فِي اسْتِصْلَاحِهِمْ مَا لَمْ يُفْضِ إِلَى التَّلَفِ فَإِذَا أَفْضَى إِلَى التَّلَفِ صَارَ غَيْرَ مُبَاحٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَائِضِ الْبَهَائِمِ مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ أَنَّ الْآدَمِيِّينَ قَدْ يُؤَدَّبُونَ بِالْكَلَامِ فَكَانَ لَهُ إِلَى اسْتِصْلَاحِهِمْ سَبِيلٌ بِغَيْرِ الضَّرْبِ فَلِذَلِكَ لَزِمَ الضَّمَانُ إِنْ حَدَثَ مِنْ ضَرْبِهِمْ تَلَفٌ وَالْبَهَائِمُ لَا سَبِيلَ إِلَى اسْتِصْلَاحِهَا إِلَّا بِالضَّرْبِ فَلَمْ يَجِدِ الرَّائِضُ إِلَى تَرْكِهِ سَبِيلًا فَلَمْ يَضْمَنْ.
[مسألة]
قال الشافعي رحمه الله تعالى: " والتعزيز لَيْسَ بِحَدٍّ يَجِبُ بِكُلِّ حالٍ وَقَدْ يَجُوزُ تَرْكُهُ وَلَا يَأْثَمُ مَنْ تَرَكَهُ قَدْ فَعَلَ غَيْرَ شيءٍ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - غَيْرَ حَدٍّ فَلَمْ يَضْرِبْ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ الْغُلُولُ وَغَيْرُهُ وَلَمْ يُؤْتَ بِحَدٍّ قَطُّ فَعَفَاهُ وَبَعَثَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى امرأةٍ فِي شيءٍ بَلَغَهُ عَنْهَا فَأَسْقَطَتْ فَقِيلَ لَهُ إِنَّكَ مُؤَدِّبٌ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنْ كَانَ اجْتَهَدَ فَقَدْ أَخْطَأَ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَجْتَهِدْ فَقَدْ غَشَّ عَلَيْكَ الدِّيَةَ فَقَالَ عُمَرُ عَزَمْتُ عَلَيْكَ أَنْ لَا تَجْلِسَ حَتَّى تَضْرِبَهَا عَلَى قَوْمِكَ فَبِهَذَا قُلْنَا خَطَأُ الْإِمَامِ عَلَى عَاقِلَتِهِ دُونَ بَيْتِ المال ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute