وهذان القولان من اختلاف قوليه فيمن زنا بِأَمَةٍ فَأَحْبَلَهَا وَمَاتَتْ فِي وِلَادَتِهَا هَلْ يَلْزَمُهُ غرم قيمتها أم لا؟
[(مسألة)]
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَمَتَى مَلَكَهَا كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ (قَالَ المزني) قلت أنا قَدْ مَضَى فِي مِثْلِ هَذَا جَوَابِي لَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ أَبَدًا (قال أبو محمد) وهم المزني في هذا في كتاب الربيع ومتى ملكها لم تكن له أم ولد ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدِ اسْتَوْفَيْنَا حُكْمَ وَطْءِ الْمُرْتَهِنِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْحَدِّ وَلُحُوقِ الْوَلَدِ وَوُجُوبِ الْمَهْرِ وَقِيمَةِ الْوَلَدِ.
فَأَمَّا كَوْنُ الْجَارِيَةِ الْمَوْطُوءَةِ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ فَلَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ مَا لَمْ يَمْلِكْهَا فَلَيْسَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَهِيَ رَهْنٌ عَلَى مِلْكِ رَاهِنِهَا.
فَإِذَا حَلَّ الْحَقُّ فَلَا يَخْلُو حَالُهَا عِنْدَ حُلُولِهِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ تَكُونَ حَامِلًا بَعْدُ لَمْ تَضَعْ، أَوْ قَدْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا.
فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ حَامِلًا بِحُرٍّ يَلْحَقُ بِالْمُرْتَهِنِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الشُّبْهَةِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا قَبْلَ وَضْعِهَا؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ إِذَا كَانَ حُرًّا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَلَا يَصْلُحُ إِقْرَارُهُ وَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُطَالِبَ الرَّاهِنَ بِحَقِّهِ وَإِنْ حَلَّ قَبْلَ وَضْعِ الْحَمْلِ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَ بَيْعِ الرَّهْنِ مَنْ قِبَلِهِ لَا مِنْ قِبَلِ الرَّاهِنِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ حَامِلًا بِمَمْلُوكٍ، فَإِنْ أَجَابَ الرَّاهِنُ إِلَى بَيْعِهَا حَامِلًا جَازَ، لِأَنَّ حَمْلَهَا بِمَمْلُوكٍ يَجُوزُ بَيْعُهُ مَعَهَا. فَإِنِ امْتَنَعَ الرَّاهِنُ مِنْ بَيْعِهَا حَامِلًا حَتَّى تَضَعَ وَطَلَبَ الْمُرْتَهِنُ أَنْ تُبَاعَ حَامِلًا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ قَدْ حَلَّ فَهَلْ يُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى بيعها حاملا أَمْ لَا؟
عَلَى قَوْلَيْنِ مَبْنِيَّيْنِ عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ فِي الْحَمْلِ، هَلْ هُوَ تَبَعٌ، أَوْ يَأْخُذُ قِسْطًا مِنَ الثَّمَنِ.
أَحَدُهُمَا: يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهَا حَامِلًا إِذَا قِيلَ إِنَّ الْحَمْلَ يَكُونُ تَبَعًا.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: إِنَّهَا تُتْرَكُ حَتَّى تَضَعَ. وَلَا يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهَا حَامِلًا إِذَا قِيلَ إِنَّ الْحَمْلَ يَأْخُذُ قِسْطًا مِنَ الثَّمَنِ. فَهَذَا حُكْمُ بَيْعِهَا إِذَا حَلَّ الْحَقُّ وَهِيَ حَامِلٌ.
(فَصْلٌ)
فَأَمَّا إِذَا حَلَّ الْحَقُّ بَعْدَ وَضْعِهَا، فَلَا يَخْلُو حَالُ الْوَلَدِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:
إِمَّا أَنْ يَكُونَ حُرًّا يَلْحَقُ بِالْمُرْتَهِنِ، أَوْ يَكُونَ مَمْلُوكًا لَا يَلْحَقُ بِهِ.