وَإِذَا كَانَ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ أَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ فَأَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ فِيهَا جَازَ إِذَا كَانَتْ دَعْوَى الشَّرِيكَيْنِ مُتَفَرِّقَةً وَلَمْ يَجُزْ إِنْ كَانَتْ دَعْوَاهُمَا وَاحِدَةً.
وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ فِي عُرُوضٍ قِيمَتُهَا مِائَتَا دِرْهَمٍ جَازَ إِلَّا عَنْ نَهْيٍ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ التَّقْدِيرِ دُونَ الْجِنْسِ فَهَذَا حُكْمُ الشرط الرابع.
[(فصل: [العقد] )]
وَأَمَّا الشَّرْطُ الْخَامِسُ وَهُوَ الْعَقْدُ الَّذِي يَصِحُّ بِهِ التَّقْلِيدُ: فَيَشْتَمِلُ عَلَى ثَلَاثَةِ شُرُوطٍ:
أَحَدُهَا: مُقَدِّمَةُ الْعَقْدِ.
وَالثَّانِي: صِفَةُ الْعَقْدِ.
وَالثَّالِثُ: لُزُومُ الْعَقْدِ.
فَأَمَّا الشَّرْطُ الْأَوَّلُ فِي مُقَدِّمَةِ الْعَقْدِ:
فَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمُوَلِّي عَارِفًا بِتَكَامُلِ شُرُوطِ الْقَضَاءِ فِي الْمُوَلَّى لِيَقَعَ الْعَقْدُ صَحِيحًا بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ بِهِ.
فَإِنْ عَرِفَ تَكَامُلَهَا فِيهِ جَازَ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى عِلْمِهِ بِهِ.
وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ تَكَامُلَهَا فِيهِ سَأَلَ عَنْهُ.
فَإِنِ اسْتَفَاضَ الْخَبَرَ بِمَعْرِفَتِهِ كَانَتْ الِاسْتِفَاضَةُ أَوْكَدَ مِنَ الشَّهَادَةِ فَلَمْ يَحْتَجْ مَعَهَا إِلَّا الِاخْتِبَارَ.
وَإِنْ لَمْ يَسْتَفِضْ بِهِ الْخَبَرُ جَازَ أَنْ يَقْتَصِرَ فِيهِ عَلَى شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ بِتَكَامُلِ شُرُوطِ الْقَضَاءِ فِيهِ وَيَخْتَبِرُهُ الْمُوَلِّي لِيَتَحَقَّقَ بِاخْتِبَارِهِ صِحَّةَ مَعْرِفَتِهِ.
وَهَلْ يَكُونُ اخْتِبَارُهُ بَعْدَ الشَّهَادَةِ وَاجِبًا أَوِ اسْتِحْبَابًا؛ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ اسْتِحْبَابٌ يَسْتَظْهِرُ بِهِ، لِأَنَّ صِحَّةَ الشَّهَادَةِ تُوجِبُ الْعَمَلَ بِهَا.
وَالْوَجْهُ الثاني: أن لاختباره وَاجِبٌ لِجَوَازِ أَنْ يَطْرَأَ عَلَيْهِ نِسْيَانٌ أَوِ اخْتِلَالٌ.
فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ بِتَكَامُلِ صِفَاتِهِ شَاهِدَانِ لَزِمَ اخْتِبَارُهُ قَبْلَ تَقْلِيدِهِ فِي كُلِّ شَرْطٍ يُعْتَبَرُ فِي صِحَّةِ تَقْلِيدِهِ مِنْ أُصُولٍ وَفُرُوعٍ.
فَإِنْ عَرَفَ صِحَّتَهَا مِنْ أَجْوِبَتِهِ قَلَّدَهُ حِينَئِذٍ، فإن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اخْتَبَرَ مُعَاذًا حِينَ قَلَّدَهُ قَضَاءَ الْيَمَنِ، وَلَمْ يَخْتَبِرْ عَلِيًّا عِنْدَ تَقْلِيدِهِ لِأَنَّهُ أَخْبَرُ مِنْهُ بِمُعَاذٍ.
وَإِنْ قَلَّدَهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ تَكَامُلَ الشُّرُوطِ فِيهِ ثُمَّ عَلِمَهَا كَانَ التَّقْلِيدُ بَاطِلًا، حَتَّى يَسْتَأْنِفَهُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِتَكَامُلِهَا لِوُقُوعِ التَّقْلِيدِ مع الشك فيه.