للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَهَا الْخِيَارُ مُسْلِمًا كَانَ الْعَبْدُ أَوْ كَافِرًا، وَإِنْ لَمْ يُعْتِقَا فَلَا خِيَارَ لَهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا قد ساوياه فِي نَقْصِهِ بِالرِّقِّ، وَأَمَّا الْحَرَائِرُ فَفِي ثُبُوتِ الخيار لهن بِإِسْلَامِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُنَّ لِعِلْمِهِنَّ بِرِقِّهِ وَرِضَاهُنَّ مَعَ كَمَالِهِنَّ بِنَقْصِهِ، فَلَمْ يَحْدُثْ لَهُنَّ بِالْإِسْلَامِ خِيَارٌ، لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يُؤَكِّدُ النكاح ولا يضعفه، وهذا اخْتِيَارُ أَبِي حَامِدٍ الْمَرْوَزِيِّ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَهُنَّ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ نِكَاحِهِ؛ لِأَنَّ الرِّقَّ فِي الْإِسْلَامِ نَقْصٌ، وَفِي الْكُفْرِ لَيْسَ بِنَقْصٍ لِإِطْلَاقِ تَصَرُّفِهِ فِي الْكُفْرِ وَثُبُوتِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ فِي الْإِسْلَامِ، وَنَقْصِ أَحْكَامِهِ فِي طَلَاقِهِ، وَنِكَاحِهِ، وَحُدُودِهِ، وَعَدَمِ مِلْكِهِ، وَقَهْرِ السَّيِّدِ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَيَكُونُ الرِّقُّ فِي الْإِسْلَامِ نَقْصًا يَثْبُتُ لِلْحَرَائِرِ مِنْ زَوْجَاتِهِ الْخِيَارُ فِي إِسْلَامِهِ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ لَهُنَّ فِي شِرْكِهِ وَهَذَا اخْتِيَارُ أَبِي الْقَاسِمِ الدَّارَكِيِّ، فَعَلَى هَذَا إِنْ قِيلَ: لِلْحَرَائِرِ الأربعة الْخِيَارُ فَاخْتَرْنَ فَسْخَ نِكَاحِهِ ثَبَتَ نِكَاحُ الْأَمَتَيْنِ، وإن قيل: لا خيار لهن وقيل لَهُنَّ الْخِيَارُ، فَاخْتَرْنَ الْمُقَامَ عَلَى نِكَاحِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ مِنْهُنَّ، وَهُنَّ سِتٌّ، اثْنَتَيْنِ مِنْ أَيِّهِنَّ شَاءَ إِمَّا أَنْ يَخْتَارَ الْحُرَّتَيْنِ الْمُسْلِمَتَيْنِ أَوِ الْحُرَّتَيْنِ الْكِتَابِيَّتَيْنِ أَوِ الْأَمَتَيْنِ الْمُسْلِمَتَيْنِ أَوْ وَاحِدَةً مِنَ الْأَمَتَيْنِ، وَوَاحِدَةً مِنَ الْحَرَائِرِ؛ لِأَنَّهُ عَبْدٌ يَجُوزُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ أَمَتَيْنِ وبين أمة وحرة.

[مسألة]

قال الشافعي: " وَلَوْ عَتَقْنَ قَبْلَ إِسْلَامِهِ فَاخْتَرْنَ فِرَاقَهُ كَانَ ذلك لهن لأنه لهن بعد إسلامه وعددهن عدد الحرائر فيحصين من حين اخترن فراقه فإن اجتمع إسلامه وإسلامهن في العدة فعددهن عدد حرائر من يوم اخترن فراقه وإلا فعددهن عدد حرائر من يوم أسلم متقدم الإسلام منهما لأن الفسخ من يومئذٍ وإن لم يخترن فراقه ولا المقام معه خيرن إذا اجتمع إسلامه وإسلامهن مَعًا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا فِي عَبْدٍ تَزَوَّجَ فِي الشِّرْكِ بِأَرْبَعِ زَوْجَاتٍ إِمَاءٍ وَدَخَلَ بِهِنَّ ثُمَّ أَسْلَمْنَ وَعَتَقْنَ قَبْلَ إِسْلَامِهِ فَلَهُنَّ أَنْ يخترن فسخ نكاحه بالعتق، وإن كان جَارِيَاتٍ فِي الْفَسْخِ بِتَقَدُّمِ الْإِسْلَامِ لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُنَّ جَارِيَاتٌ فِي فَسْخٍ فَلَمْ يَمْتَنِعْ أَنْ يَسْتَحِقَ مَعَهُ حُدُوثَ فَسْخٍ، لِأَنَّ الْفَسْخَ لَا يُنَافِي الْفَسْخَ لِاجْتِمَاعِهِمَا، وَإِنَّمَا يُنَافِي الْمُقَامَ لِتَضَادِّهِمَا.

وَالثَّانِي: أَنَّهُنَّ يَسْتَفِدْنَ بِتَعْجِيلِ الْفَسْخِ قُصُورَ أَحَدِ العدتين، لأنهن لو انتظرن إسلام الزوج لاستأنف الْعِدَّة بَعْدَ إِسْلَامِهِ، وَإِذَا قَدَّمْنَ الْفَسْخَ تَقَدَّمَتِ الْعِدَّةُ قَبْلَ إِسْلَامِهِ.

فَإِنْ قِيلَ: فَهَلَّا أَغْنَى جَرَيَانُهُنَّ فِي الْفَسْخِ بِتَقَدُّمِ الْإِسْلَامِ عَنْ أَنْ يحدثن فَسْخًا بِحُدُوثِ الْعِتْقِ.

قِيلَ: لَا يُغْنِي؛ لِأَنَّ الفسخ بالإسلام متردد بين إفضائه إِلَى الْفُرْقَةِ إِنْ تَأَخَّرَ إِسْلَامُ الزَّوْجِ وَبَيْنَ إفضائه إِلَى ثُبُوتِ النِّكَاحِ إِنْ تَعَجَّلَ وَالْفَسْخُ بِالْعِتْقِ مُفْضٍ إِلَى الْفُرْقَةِ فِي الْحَالَيْنِ، فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَلَهُنَّ ثَلَاثة أَحْوَالٍ:

<<  <  ج: ص:  >  >>