للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَضَمِنَتْ نَقْصَهُ مَا لَمْ يَكُنْ مِنْهَا تَسْلِيمٌ وَلَا تَمْكِينٌ، لِأَنَّهُ فِي يَدِهَا عَنْ مُعَاوَضَةٍ كالمقبوض سوماً، فَإِنْ سَلَّمَتْهُ وَعَادَ إِلَيْهَا أَمَانَةً لَمْ تَضْمَنْهُ، وَإِنْ لَمْ تُسَلِّمْهُ وَلَكِنْ مَكَّنَتْهُ مِنْهُ فَفِي وُجُوبِ ضَمَانِهَا لِنَقْصِهِ وَجْهَانِ مَضَيَا.

فَلَوِ اخْتَلَفَا فِي النَّقْصِ فَقَالَ الزَّوْجُ: هُوَ حَادِثٌ فِي يَدِكِ فَعَلَيْكِ ضَمَانُهُ، وَقَالَتِ الزَّوْجَةُ: بَلْ هُوَ مُتَقَدِّمٌ فَلَيْسَ عَلَيَّ ضَمَانُهُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا، لِأَنَّهَا مُنْكِرَةٌ، وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهَا مَعَ احتمال الأمرين.

فأما الزيادة فيما تَقَدَّمَتْ مِلْكَ الزَّوْجِ لِنِصْفِ الصَّدَاقِ فَجَمِيعُهَا لِلزَّوْجَةِ، وَمَا حَدَثَ بَعْدَهُ فَهُوَ بَيْنَهُمَا. وَهَلْ تَكُونُ الزَّوْجَةُ ضَامِنَةً لَهُ أَمْ لَا؟ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْوَجْهَيْنِ.

فَلَوِ اخْتَلَفَا فِيهَا فَقَالَ الزَّوْجُ: هِيَ حَادِثَةٌ بَعْدَ أَنْ مَلَكَتْ نِصْفَ الصَّدَاقِ فَنِصْفُهَا لِي، وَقَالَتِ الزَّوْجَةُ بَلْ هِيَ مُتَقَدِّمَةٌ قَبْلَ ذَلِكَ فَجَمِيعُهَا لِي، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجَةِ مَعَ يَمِينِهَا، لِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي يَدِهَا، والله أعلم.

[مسألة]

قال الشافعي: " فَإِنْ طَلَّقَهَا وَالنَّخْلُ مطلعةٌ فَأَرَادَ أَخْذَ نِصْفِهَا بالطلع لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَكَانَتْ كَالْجَارِيَةِ الْحُبْلَى وَالشَاةِ الْمَاخِضِ وَمُخَالِفَةً لَهُمَا فِي أَنَّ الْإِطْلَاعَ لَا يَكُونُ مُغَيِّرًا لِلنَّخْلِ عَنْ حَالِهَا فَإِنْ شَاءَتْ أَنْ تَدْفَعَ إِلَيْهِ نِصْفَهَا فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا ذَلِكَ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا: فِي رَجُلٍ أَصْدَقَ امْرَأَةً نَخْلًا، وَطَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، وَقَدْ أَثْمَرَتْ، فَالثَّمَرَةُ زِيَادَةٌ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهَا، هَلْ تَجْرِي فِي الصَّدَاقِ مَجْرَى الزِّيَادَةِ الْمُتَمَيِّزَةِ أَمْ لَا؟ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّهَا زِيَادَةٌ مُتَمَيِّزَةٌ كَالْوَلَدِ، سَوَاءٌ كَانَتْ مُؤَبَّرَةً أَوْ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ لِإِمْكَانِ قَطْعِهَا عَنِ الْأَصْلِ، وَجَوَازِ إِفْرَادِهَا بِالْعَقْدِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهَا زِيَادَةٌ غَيْرُ مُتَمَيِّزَةٍ فِي حُكْمِ الصَّدَاقِ سَوَاءٌ كَانَتْ مُؤَبَّرَةً أَوْ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ، لِاتِّصَالِهَا بِالْأَصْلِ فَجَرَتْ مَجْرَى الْحَمْلِ.

وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّهَا إِنْ كَانَتْ مُؤَبَّرَةً فَهِيَ مُتَمَيِّزَةٌ كَالْوَلَدِ، لِأَنَّهَا لَا تَتْبَعُ الْأَصْلَ فِي الْبَيْعِ وَإِنْ كَانَتْ فِي طَلْعِهَا غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ فَهِيَ غَيْرُ مُتَمَيِّزَةٍ كَالْحَمْلِ، لِأَنَّهَا تَتْبَعُ الْأَصْلَ فِي الْبَيْعِ.

فَإِذَا تَقَرَّرَتْ هَذِهِ الْوُجُوهُ الثَّلَاثَةُ، فَالثَّمَرَةُ لِلزَّوْجَةِ عَلَى جَمِيعِ أَحْوَالِهَا، لِحُدُوثِهَا فِي مِلْكِهَا، وَلَهَا اسْتِيفَاءُ النَّخْلِ عَلَى مِلْكِهَا، لِاسْتِصْلَاحِ ثَمَرَتِهَا وَتَكَامُلِهَا، وَيَصِيرُ حَقُّ الزَّوْجِ فِي قِيمَةِ النَّخْلِ، فَيُدْفَعُ إِلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهَا أَقَلَّ مَا كَانَتِ النَّخْلُ قِيمَةً مِنْ حِينِ أَصْدَقَ إِلَى أَنْ سُلِّمَ.

أَحْوَالُ بَذْلِ الْمَرْأَةِ نِصْفَ النَّخْلِ المثمر لزوجها

فإن كَانَ كَذَلِكَ فَلَهَا أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ: فَالْحَالَةُ الْأُولَى.

إِيضَاحُ الْحَالَةِ الْأُولَى

أَنْ تَبْذُلَ لَهُ نِصْفَ النَّخْلِ مَعَ نِصْفِ الثَّمَرَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>