أَحَدُهُمَا: بِالنُّفُوسِ.
وَالثَّانِي: بِالْأَمْوَالِ.
فَأَمَّا النُّفُوسُ فَإِنَّ عَمْدَ الْمَلَّاحَانِ لِلصَّدْمِ وَالتَّغْرِيقِ لِنِزَاعٍ أَوْ شَحْنَاءَ فَهُمَا قَاتِلَانِ عَمْدًا لِمَنْ فِي السَّفِينَتَيْنِ مِنَ النُّفُوسِ، فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْقَوَدُ لِمَنْ فِي سَفِينَتِهِ وَسَفِينَةِ صَاحِبِهِ، فَيُقْتَلُ أَحَدُهُمْ بِالْقَرْعَةِ، وَيُؤْخَذُ فِي مَالِهِ نِصْفُ دِيَاتِ الْبَاقِينَ، وَيُؤْخَذُ النِّصْفُ الْآخَرُ مِنْ مَالِ الْمَلَّاحِ الْآخَرِ.
وإن لم يعمد الاصطدام فلا قود على عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ دِيَاتِ رُكَّابِ سَفِينَتِهِ وَرُكَّابِ السَّفِينَةِ الْأُخْرَى، فَتَكُونُ دِيَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ رُكَّابِ السَّفِينَتَيْنِ عَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَلَّاحَيْنِ، لِأَنَّ الْجِنَايَةَ مِنْهُمَا، إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَلَّاحَانِ عَبْدَيْنِ فَيَكُونُ الدِّيَاتُ فِي رَقَبَتهمَا، فَإِنْ هَلَكَ الْمَلَّاحَانِ مَعَ الرُّكَّابِ وَكَانَا عَبْدَيْنِ كَانَتْ نُفُوسُ الرُّكَّابِ هَدَرًا، لِتَلَفِ مَحَلِّ جنايتهما، وإن كانا حرين تحملت عاقلة [كل واحد منهما نصف دية كل واحد من الركاب، فتكون عاقلة] هذا نصف الدية، وعلى عاقلة الآخر نصفها الآخر، ويتحمل عاقلة كل واحدة منهما نصف دية الآخر، وَيَكُونُ نِصْفُهَا الْبَاقِي هَدَرًا لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ جِنَايَةِ نَفْسِهِ.
وَأَمَّا الْأَمْوَالُ فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ تَكُونَ لَهُمَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا.
فَإِنْ كَانَتْ لِغَيْرِهِمَا ضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَلَّاحِينَ فِي مَالِهِ نِصْفَ قِيمَةِ الْمَتَاعِ الَّذِي فِي سَفِينَتِهِ، وَنِصْفَ قِيمَةِ الْمَتَاعِ الَّذِي فِي سَفِينَةِ الْآخَرِ، وَضَمِنَ الْمَلَّاحُ الْآخَرُ النِّصْفَ الْآخَرَ.
وَإِنْ كَانَ الْمَتَاعُ لَهُمَا ضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ قِيمَةِ مَتَاعِ صَاحِبِهِ لِجِنَايَتِهِ عَلَى مَالِ غَيْرِهِ، وَكَانَ النِّصْفُ الْبَاقِي هَدَرًا، لِأَنَّهُ مِنْ جِنَايَتِهِ عَلَى مَالِ نَفْسِهِ.
وَأَمَّا السَّفِينَتَانِ فَإِنْ كَانَتَا لِغَيْرِهِمَا ضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ قِيمَةِ سَفِينَتِهِ وَسَفِينَةِ صَاحِبِهِ، وَإِنْ كَانَتَا لَهُمَا ضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ سَفِينَةِ صَاحِبِهِ وَكَانَ نِصْفُ سَفِينَتِهِ هَدَرًا كَمَا قُلْنَا فِي الْأَمْوَالِ.
(فَصْلٌ)
وَإِنْ كَانَ الْمَلَّاحَانِ غَيْرَ مُفَرِّطَيْنِ لِقِيَامِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ آلَةٍ وَأَعْوَانٍ وَحَمَّلَ سَفِينَتَهُ مَا تُقِلُّهُ وَتُسَيِّرُهَا فِي وَقْتِ الْعَادَةِ، فَهَاجَتْ رِيحٌ عَاصِفَةٌ لَمْ يَقْدِرُوا مَعَهَا عَلَى ضَبْطِ السَّفِينَتَيْنِ حَتَّى غَرِقَتَا وَمَا فِيهِمَا مِنَ النُّفُوسِ وَالْأَمْوَالِ، فَفِي وُجُوبِ الضَّمَانِ قَوْلَانِ نَصَّ عَلَيْهِمَا فِيمَا نَقَلَهُ الْمُزَنِيُّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute