عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ أَنْ يَذْكُرَهُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِهِ بِالْبَيِّنَةِ.
وَإِنْ كَانَ قَدْ حَكَمَ عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ وَيَمِينِ الطَّالِبِ، لَزِمَهُ أَنْ يَذْكُرَهُ لَهُ، لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِهِ بِالْبَيِّنَةِ.
وَإِنْ كَانَ قَدْ حَكَمَ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ فَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ بِحَقٍّ فِي الذِّمَّةِ لَمْ يَلْزَمْهُ ذِكْرُهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِهَا بِمِثْلِهَا، وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ بِعَيْنٍ قَائِمَةٍ لَزِمَهُ أَنْ يَذْكُرَهَا؛ لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى مُقَابَلَتِهَا بِمِثْلِهَا فَتَرْجَحُ بَيِّنَتُهُ بِالْيَدِ، فَيَكُونُ وُجُوبُ الْبَيَانِ معتبرا بهذه الأقسام.
[(فصل: سؤال الطالب الحكم بالشاهد واليمين) .]
وَإِذَا سَأَلَ الطَّالِبُ أَنْ يَحْكُمَ لَهُ الْقَاضِي بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَإِنْ كَانَ حَنَفِيًّا لَا يَرَى القضاء بمشاهد وَيَمِينٍ لَمْ يَحْكُمْ لَهُ، وَلَمْ يَسْمَعْ شَاهِدَهُ.
وَإِنْ كَانَ شَافِعِيًّا، يَرَى الْقَضَاءَ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، فَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ عَلَى حَاضِرٍ جَازَ أَنْ يَحْكُمَ لَهُ عَلَيْهِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ.
وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ عَلَى غَائِبٍ وَيُرِيدُ الطَّالِبُ أَنْ يَتَنَجَّزَ بِهِ كِتَابَهُ إِلَى قَاضِي بَلَدِ الْمَطْلُوبِ، فَفِي جَوَازِ الْحُكْمِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، فِيمَا يَكْتُبُ بِهِ إِلَى غَيْرِهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ لِأَنَّهُ قَوْلٌ مَشْرُوعٌ وَمَذْهَبٌ مَشْهُورٌ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجُوزُ أَنْ يَكْتُبَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمُخَالِفَ فِيهِ مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ، يَرَى نَقْضَ الْحُكْمِ بِهِ وَهُوَ مِنْ سَرَفِهِمْ. فَلَمْ يَكُنْ لَهُ تَعْرِيضُ حُكْمِهِ لِلنَّقْضِ وَالْأَوْلَى مِنْ إِطْلَاقِ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ.
أَنْ يَعْتَبِرَ رَأْيَ الْقَاضِي الْكَاتِبِ بِهِ.
فَإِنْ كَانَ يَرَى الْقَضَاءَ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ كَتَبَ بِهِ إِلَيْهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَرَاهُ لَمْ يَكْتُبْ بِهِ.
فَإِنْ أَرَادَ الْقَاضِي فِي حُكْمِهِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ أَنْ لَا يَذْكُرَهُ فِي كِتَابِهِ، وَيُطْلِقَ الْحُكْمَ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِثُبُوتِ الْحَقِّ عِنْدَهُ جَازَ؛ لِأَنَّهُ يَحْكُمُ باجتهاد نفسه ولا يحكم باجتهاد غيره.
[(فصل: في مكاتبة القاضي للأمير) .]
(مسألة) : قال الشافعي رضي الله عنه: " وَكِتَابُ الْقَاضِي إِلَى الْخَلِيفَةِ وَالْخَلِيفَةِ إِلَى الْقَاضِي وَالْقَاضِي إِلَى الْأَمِيرِ وَالْأَمِيرِ إِلَى الْقَاضِي سَوَاءٌ لَا يُقْبَلُ إِلَّا كَمَا وَصَفْتُ مِنْ كِتَابِ الْقَاضِي إِلَى الْقَاضِي ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ وَجَمِيعُ هَذِهِ الْكُتُبِ إِذَا تَعَلَّقَتْ بِأَحْكَامٍ وَحُقُوقٍ لَمْ تَثْبُتْ إِلَّا بِالشَّهَادَةِ فِي التَّحَمُّلِ وَالْأَدَاءِ.