للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَآذَى النَّاسَ بِتَخَطِّي رِقَابِهِمْ، وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: " لَأَنْ أُصَلِّيَ بِحَرَّةٍ رَمْضَاءَ أَهْوَنُ عَلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ " وَأَغْلَظُ فِي الْكَرَاهَةِ أَنْ يَتَخَطَّى رِقَابَهُمْ بِنَعْلِهِ.

(فَصْلٌ)

: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: " وَأَكْرَهُ أَنْ يُقِيمَ غَيْرَهُ مِنْ مَجْلِسِهِ لِيَجْلِسَ فِي مَوْضِعِهِ، لِمَا لِلْأَوَّلِ مِنْ حَقِّ السَّبْقِ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ سُوءِ الْأَدَبِ، وَلِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " لَا يُقِيمَنَّ أَحَدُكُمُ الرَّجُلَ مِنْ مَجْلِسِهِ حَتَّى يَخْلُفَهُ فِيهِ وَلْيَقُلْ تَوَسَّعُوا وَتَفَسَّحُوا " فَإِنْ قَامَ الرَّجُلُ لَهُ مُخْتَارًا عَنْ مَجْلِسِهِ مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِ لَمْ يُكْرَهْ لَهُ الْجُلُوسُ فِيهِ، وَكَرِهْنَا ذَلِكَ لِلْقَائِمِ إِلَّا أَنْ يَعْدِلَ لِمِثْلِ مَجْلِسِهِ أَوْ خَيْرٍ مِنْهُ لِقُرْبِهِ مِنَ الْإِمَامِ، فَلَوْ بَعَثَ رَجُلًا يَأْخُذُ لَهُ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ مَوْضِعًا لَمْ يُكْرَهْ لَهُ ذَلِكَ، فَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ كَانَ يَبْعَثُ بِغُلَامِهِ لِيَأْخُذَ لَهُ مَوْضِعًا، فَإِذَا جَاءَ جَلَسَ فِيهِ، فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا جَلَسَ فِي مَوْضِعٍ ثُمَّ أَرَادَ الِانْتِقَالَ مِنْهُ إِلَى غَيْرِهِ كَرِهْنَا لَهُ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَنْتَقِلَ إِلَى مَوْضِعٍ أَفْضَلَ مِنْ مَوْضِعِهِ، أَوْ يَكُونَ قَدْ غَلَبَهُ النُّعَاسُ فَأَرَادَ الِانْتِقَالَ لِطَرْدِ النَّوْمِ عَنْ نَفْسِهِ فَلَا يُكْرَهُ لَهُ، فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا جَلَسَ فِي مَوْضِعٍ مِنَ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ لِعَارِضٍ، ثُمَّ عَادَ وَقَدْ سَبَقَهُ غَيْرُهُ إِلَى مَوْضِعِهِ فَالسَّابِقُ إِلَى الْمَوْضِعِ أَحَقُّ بِهِ مِنَ الْعَائِدِ إِلَيْهِ، لَكِنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَنَحَّى لَهُ عَنِ الْمَوْضِعِ، فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " إِذَا قَامَ الرَّجُلُ مِنْ مَجْلِسِهِ ثم عاد إليه فهو أحق به ".

(فَصْلٌ)

: فَأَمَّا الْبَيْعُ قَبْلَ أَذَانِ الْجُمْعَةِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، فَأَمَّا بَعْدَ الْأَذَانِ فَمَكْرُوهٌ لِنَهْيِ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ لِمَنْ لَزِمَهُ الذَّهَابُ إِلَى الْجُمْعَةِ، أَمَّا مَنْ لَمْ يَلْزَمْهُ الذَّهَابُ إِلَيْهَا فَمُبَاحٌ لَهُ الْبَيْعُ، وَإِنْ بَاعَ لِمَنْ لزمه الذهاب إليها فمكروه، ويكره لا يَلْزَمُهُ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ عَاوَنَهُ عَلَى مَحْظُورٍ، إِلَّا أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ فِي نَفْسِهِ وَالْبَيْعُ لا يبطل بحال وإن كن مَحْظُورًا، لِأَنَّ الْحَظْرَ غَيْرُ مُتَعَلِّقٍ بِنَفْسِ الْبَيْعِ، وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِاشْتِغَالِهِ عَنِ الذَّهَابِ.

(فَصْلٌ)

: رَوَى سَمُرَةُ بْنُ جُنْدَبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ فَلْيَتَصَدَّقْ بِدِينَارٍ أَوْ بِنِصْفِ دِينَارٍ ".

وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ تَرَكَ الْجُمْعَةَ غَيْرَ مَعْذُورٍ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَذَا الْقَدْرِ، وَلَا يَلْزُمُهُ، لِأَنَّ الْحَدِيثَ لَيْسَ بِثَابِتٍ، وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَجِبُ فِيهَا الْكَفَّارَةُ بِحَالٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>