(فَصْلٌ)
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مَرْهُونًا عِنْدَ مُرْتَهِنِ الْعَبْدِ الْجَانِي فَيَكُونُ مُرْتَهِنُهُمَا وَاحِدًا، فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ،
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَا مَرْهُونَيْنِ فِي حَقٍّ وَاحِدٍ فَالْحُكْمُ فِيهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَوْ كَانَ غَيْرَ مَرْهُونٍ فَإِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ خَطَأً فَهُوَ هَدَرٌ لِأَنَّ تَعَلُّقَ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ كَتَعَلُّقِهِ بِالْجَانِي، فَلَمْ يَكُنْ لِبَيْعِ الْجَانِي فِي أَرْشِ الْجِنَايَةِ مَعْنًى، وَإِنْ كَانَتْ عَمْدًا فَالسَّيِّدُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَقْتَصَّ أَوْ يَعْفُوَ عَنْهُ، فَإِنِ اقْتَصَّ مِنْهُ بَطَلَ الرَّهْنُ فِيهِمَا جَمِيعًا إِنْ كَانَ الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ، وَإِنْ عَفَا عَنِ الْقِصَاصِ صَارَتْ هَدَرًا وَكَانَ الْجَانِي عَلَى حَالِهِ رَهْنًا.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَا مَرْهُونَيْنِ عِنْدَ مُرْتَهِنٍ وَاحِدٍ بِحَقَّيْنِ فِي عَقْدَيْنِ فَهَذَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَضْرُبٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَسْتَوِيَ قَدْرُ الْحَقَّيْنِ وَتَسْتَوِيَ قِيمَةُ الْعَبْدَيْنِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَخْتَلِفَ قَدْرُ الْحَقَّيْنِ وَتَخْتَلِفَ قِيمَةُ الْعَبْدَيْنِ.
وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ: أَنْ يَسْتَوِيَ قَدْرُ الْحَقَّيْنِ وَتَخْتَلِفَ قِيمَةُ الْعَبْدَيْنِ.
وَالضَّرْبُ الرَّابِعُ: أَنْ يَخْتَلِفَ قَدْرُ الْحَقَّيْنِ وَتَسْتَوِيَ قِيمَةُ الْعَبْدَيْنِ.
(فَصْلٌ)
فَأَمَّا الضَّرْبُ الْأَوَّلُ: وَهُوَ أَنْ يَسْتَوِيَ قَدْرُ الْحَقَّيْنِ وَتَسْتَوِيَ قِيمَةُ الْعَبْدَيْنِ فَمِثَالُهُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْحَقَّيْنِ أَلْفًا وَقِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْعَبْدَيْنِ أَلْفًا، فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَسْتَوِيَ وَصْفُ الْحَقَّيْنِ بِأَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَالًا أَوْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُؤَجَّلًا، فَالْجِنَايَةُ هَدَرٌ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَفِيدُ الْمُرْتَهِنُ بنقل ثمن القاتل إلى موضع المقتول شيئا.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَخْتَلِفَ وَصْفُ الْحَقَّيْنِ بِأَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا حَالًا وَالْآخَرُ مُؤَجَّلًا، فَلِلْمُرْتَهِنِ بَيْعُ الْقَاتِلِ وَوَضْعُ ثَمَنِهِ مَوْضِعَ الْمَقْتُولِ، وَلَا تَكُونُ الْجِنَايَةُ هَدَرًا لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ رَهْنًا فِي الْحَالِ وَالْقَاتِلُ فِي الْمُؤَجَّلِ اسْتَفَادَ بِبَيْعِ الْقَاتِلِ أَنْ يَصِيرَ ثَمَنُهُ رَهْنًا فِي مُعَجَّلٍ بَعْدَ أَنْ كَانَ رَهْنًا فِي مُؤَجَّلٍ، وَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ فِي الْمُعَجَّلِ وَالْمَقْتُولُ فِي الْمُؤَجَّلِ فَقَدْ يَكُونُ الرَّاهِنُ مُوسِرًا فِي الْحَالِ يَقْدِرُ عَلَى أَدَاءِ الْمُعَجَّلِ وَلَا يَأْمَنُ الْمُرْتَهِنُ أَنْ يَعْسُرَ الرَّاهِنُ عِنْدَ حُلُولِ الْمُؤَجَّلِ فَيَسْتَفِيدُ الْمُرْتَهِنُ ببيع القاتل أن يعتبر ثمنه رهنا قيما يُخَافُ إِعْسَارُ الرَّاهِنِ بِهِ فِي الْمُؤَجَّلِ.
(فَصْلٌ)
وأما الضرب الثاني: وَهُوَ أَنْ يَسْتَوِيَ قَدْرُ الْحَقَّيْنِ وَتَخْتَلِفَ قِيمَةُ العبدين فمثاله