للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الماوردي: وهذا نص الكتاب؛ لأن للأذن حداً يَتَمَيَّزُ بِهِ عَمَّا سِوَاهُ، فَيُقْتَصُّ مِنْ أُذُنِ السَّمِيعِ بِأُذُنِ الْأَصَمِّ، لِأَنَّ مَحَلَّ السَّمْعِ فِي غَيْرِ الْأُذُنِ، وَيُقْتَصُّ مِنَ الكَبِيرَةِ بِالصَّغِيرَةِ، وَمِنَ الصَّحِيحَةِ بِالْمَثْقُوبَةِ ثُقْبَ قُرْطٍ أَوْ شَنْفٍ، فَأَمَّا الْمَخْرُومَةُ فَإِنْ لَمْ يَذْهَبْ بِالْخُرْمِ مِنْهَا شَيْء اقْتُصَّ بِهَا مِنَ الصَّحِيحَةِ، فَإِذَا أَذْهَبَ الْخُرْمُ شَيْئًا مِنْهَا قِيلَ لِلْأَخْرَمِ: إِنْ شِئْتَ الْقِصَاصَ قَطَعْنَا لَكَ مِنْ أُذُنِ الْجَانِي إِلَى مَوْضِعِ خرمتك [وأعطيناك دية ما بقي منها بعد الخرم] وإِنْ شِئْتَ أَعْطَيْنَاكَ دِيَةَ الْأُذُنِ، وَلَوْ قَطَعَ بعض أذنيه اقْتُصَّ مِنْ أُذُنِ الْجَانِي بِقَدْرِهِ، لِإِمْكَانِ الِاقْتِصَاصِ مِنْهُ، وَلَوْ قَطَعَ أُذُنَهُ فَذَهَبَ مِنْهَا سَمْعُهُ اقْتُصَّ مِنْ أُذُنِهِ وَلَمْ يُقْتَصَّ مِنْ سَمْعِهِ لِتَعَذُّرِهِ، وَلَوْ ضَرَبَ أُذُنَهُ فَاسْتَحْشَفَتْ وَيَئِسَتْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا قِصَاصٌ كَالْيَدِ إِذَا شُلَّتْ، وَفِيمَا يَجِبُ فِيهَا قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: دِيَتُهَا كَشَلَلِ الْيَدِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: حُكُومَةٌ، لِأَنَّ شَلَلَ الْيَدِ يُذْهِبُ مَنَافِعَهَا فِي الْقَبْضِ وَالْبَسْطِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِي اسْتِحْشَافِ الْأُذُنِ، فَإِنْ قُطِعَتْ بَعْدَ اسْتِحْشَافِهَا كَانَ فِيهَا حُكُومَةٌ وَلَا تَنْقُصُ الْحُكُومَتَانِ عَنْ دِيَةِ الأذن ويجوز أن يكونا أكثر.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَالسِّنُّ بِالسِّنِ كَانَ الْقَاطِعُ أَفْضَلَ طَرَفًا أَوْ أَدْنَى مَا لَمْ يَكُنْ نَقْصٌ أَوْ شَلَلٌ ".

قال الماوردي: " وهذا نص الكتاب فِي السِّنِّ لِتَمْيِيزِهِ عَنْ غَيْرِهِ فَيَجُوزُ الْقِصَاصُ فِيهِ فِي الثَّنَايَا وَالرُّبَاعِيَّاتِ وَالْأَنْيَابِ وَالْأَضْرَاسِ، فَيُقْتَصُّ بِهَا إِذَا أُقْلِعَتْ بِمِثْلِهَا مِنْ أَسْنَانِ الْجَانِي، فَيُقْلَعُ مِنْ أَسْنَانِهِ مِثْلُ مَا قَلَعَ، فَيُقْتَصُّ مِنَ البَيْضَاءِ بِالسَّوْدَاءِ وَالْخَضْرَاءِ، وَمِنَ الشَّابِّ بِسِنِّ الشَّيْخِ، وَمِنَ الْقَوِيَّةِ بِالضَّعِيفَةِ، وَمِنَ الْكَبِيرَةِ بِالصَّغِيرَةِ، وَمِنَ الْمُشْتَدَّةِ بِالْمُتَحَرِّكَةِ إِذَا كَانَتْ مَنَافِعُهما بَاقِيَةً، وَلَا قَوَدَ فِي السِّنِّ الزَّائِدَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْجَانِي مِثْلُهَا فِي مِثْلِ مَوْضِعِهَا فَيُقْتَصَّ مِنْهَا، فَإِنْ كَسَرَ سِنَّهُ وَأَمْكَنَ أَنْ يَكْسِرَ سَنَّ الْجَانِي مِثْلَ كَسْرِهِ اقْتَصَّ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَلَا قِصَاصَ، وَكَانَ عَلَيْهِ دِيَةُ السِّنِّ، وَهِيَ خَمْسٌ مِنَ الإِبِلِ بِقِسْطِ مَا كُسِرَ مِنْهَا مِنْ نِصْفٍ أَوْ ثُلُثٍ أَوْ رُبْعٍ وَيَكُونُ بِقِسْطِهِ عَلَى مَا جُرِحَ فِي اللِّثَةِ وَظَهَرَ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ لَوْ قَطَعَهَا مِنْ أَصْلِهَا يَجِبُ فِيهَا أَكْثَرُ مِنْهَا كَمَا لَوْ قَطَعَ أَصَابِعَ كَفِّهِ وَجَبَ فِيهَا دِيَتُهَا، وَلَوْ قَطَعَهَا مَعَ الْكَفِّ لَمْ يَجِبْ فِيهَا أَكْثَرُ مِنْهَا، وَلَا تُؤْخَذُ ثَنِيَّةٌ بِرُبَاعِيَّةٍ وَلَا نَابٌ بِضِرْسٍ وَلَا يُمْنَى بِيُسْرَى، وَلَا عُلْيَا بسفلى.

[(مسألة)]

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " فَإِنْ كَانَ قاطع اليد نَاقِصًا أصْبعا قُطِعَتْ يَدُهُ وَأُخِذَ مِنْهُ أَرْشُ أصبع ".

<<  <  ج: ص:  >  >>