للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَشْغَالَهُ وَنَقْلَ مَالِهِ، وَلَا يُتَجَاوَزُ بِهِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، فَإِذَا بَلَغَ أَدْنَى مَأْمَنِهِ بِذُرِّيَّتِهِ وَمَالِهِ صَارَ حَرْبًا.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: إِنَّهُ يَصِيرُ فِي حُكْمِ الْمُرْتَدِّ؛ لِأَنَّ ذِمَّتَهُ لَيْسَتْ بِأَوْكَدَ مِنْ ذِمَّةِ الْإِسْلَامِ، فَعَلَى هَذَا يُسْتَتَابُ، فإن تاب، وإلا قتل صبرا بالصيف؟ ، وَفِي الِانْتِظَارِ بِقَتْلِهِ ثَلَاثًا قَوْلَانِ: وَيَكُونُ أَمَانُ ذُرِّيَّتِهِ بَاقِيًا، وَأَمَّا مَالُهُ، فَيَكُونُ فَيْئًا لِبَيْتِ الْمَالِ، وَلَا يُورَثُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ مَنْ قُتِلَ بِحُكْمِ الرِّدَّةِ لَمْ يُورَثْ.

(فَصْلٌ)

: وَأَمَّا الضَّرْبُ الثَّانِي: فِي انْتِقَالِهِ إِلَى دِينٍ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ أَهْلُهُ، كَانْتِقَالِهِ مِنْ يَهُودِيَّةٍ أَوْ نَصْرَانِيَّةٍ أَوْ مَجُوسِيَّةٍ إِلَى وَثَنِيَّةٍ أَوْ زَنْدَقَةٍ، فَإِنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ، وَيُؤْخَذُ بِالِانْتِقَالِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا حُرْمَةَ لِمَا انْتَقَلَ إِلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ إِقْرَارُ أَهْلِهِ عَلَيْهِ، فَكَانَ إِقْرَارُ غَيْرِ أَهْلِهِ أَوْلَى أَنْ لَا يَجُوزَ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَفِي الَّذِي يُؤْمَرُ بِالرُّجُوعِ إِلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَقَاوِيلَ:

أَحَدُهَا: الْإِسْلَامُ لَا غَيْرَ؛ لِأَنَّهُ دِينُ الْحَقِّ، فَكَانَ أَحَقَّ بِالْعَوْدِ إِلَيْهِ.

والْقَوْلُ الثَّانِي: الْإِسْلَامُ أَوْ دِينُهُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ صُلْحِهِ عَلَيْهِ.

وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: الْإِسْلَامُ أَوْ دِينُهُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ أَوْ دِينٌ يُقَرُّ أَهْلُهُ عَلَيْهِ، فَفِيمَا عَلَا كَالْيَهُودِيَّةِ، وَالنَّصْرَانِيَّةِ، أَوِ انْخَفَضَ كَالْمَجُوسِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ، وَفِي صِفَةِ دُعَائِهِ إِلَى ذَلِكَ مَا قَدَّمْنَاهُ الْوَجْهَيْنِ:

فَإِنْ عَادَ إِلَى الْمَأْمُورِ بِهِ مِنَ الدِّينِ أُقِرَّ عَلَيْهِ، وَلَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَ انْتِقَالِهِ وَعَوْدِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُرْتَدَّةِ، وَلَا جِزْيَةَ عَلَى مُرْتَدٍّ، وَإِنِ امْتَنَعَ مِنَ الْعَوْدِ إِلَى الدِّينِ الْمَأْمُورِ بِهِ فَفِيمَا يَلْزَمُ مِنْ حُكْمِهِ قَوْلَانِ عَلَى مَا مَضَى:

أَحَدُهُمَا: يُنْبَذُ إِلَيْهِ عَهْدُهُ، وَيُبَلَّغُ مَأْمَنَهُ بِمَالِهِ وَبِمَنْ أَطَاعَهُ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ، ثُمَّ يَكُونُ حَرْبًا.

فَأَمَّا مَنْ تَمَانَعَ عَلَيْهِ مِنِ ذُرِّيَّتِهِ فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ بَالِغًا مِنْ نِسَائِهِ وَبَنَاتِهِ، كَانَ أَمَلَكَ بِنَفْسِهِ، وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ صَغِيرًا رُوعِيَ مُسْتَحِقُّ حَضَانَتِهِ، فَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُسْتَحِقَّ لَهَا، كَانَ لَهُ إِخْرَاجُهُمْ جَبْرًا، وَعَاوَنَهُ الْإِمَامُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُقِيمُ أَحَقَّ بِحَضَانَتِهِ مُنِعَ مِنْهُمْ، وَأُقِرَّ مَعَ الْمُقِيمِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: إِنَّهُ يَصِيرُ فِي حُكْمِ الْمُرْتَدِّ يُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ، وَإِلَّا قُتِلَ، وَيَكُونُ مَالُهُ فَيْئًا لِبَيْتِ الْمَالِ.

فَأَمَّا ذُرِّيَّتُهُ فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ بَالِغًا، فَلَهُ حُكْمُ مُعْتَقَدِهِ بِنَفْسِهِ، فَإِنْ أَقَامَ عَلَى دِينِهِ أُقِرَّ عَلَيْهِ، وَإِنِ انْتَقَلَ عَنْهُ مَعَ وَلِيِّهِ صَارَ عَلَى حكمه

<<  <  ج: ص:  >  >>