لم يرد بَيَانًا عَلَى مَا عَلِمْنَاهُ، فَلَوْ قَالَ: هِيَ هذه وهذه وهذه طلقهن كُلُّهُنَّ.
وَلَوْ قَالَ: هِيَ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ، طُلِّقَتِ الْأُولَى وَأُخِذَ بِبَيَانِ إِحْدَى الْأُخْرَتَيْنِ فَيَصِيرُ مُطَلِّقًا لِاثْنَتَيْنِ، ثُمَّ قِيَاسُ هَذَا فِي الْأَرْبَعِ إِذَا طَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ. وَاللَّهُ أعلم.
[(مسألة:)]
قال الشافعي: (فَإِنْ مَاتَتَا أَوْ إِحْدَاهُمَا قَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَ وَقَفْنَا لَهُ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِيرَاثَ زَوْجٍ وَإِذَا قَالَ لِإِحْدَاهُمَا هَذِهِ الَّتِي طَلَقْتُ رددنا على أهلها من وَقَفْنَا لَهُ وَأَحْلَفْنَاهُ لِوَرَثَةِ الْأُخْرَى) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ إِذَا طَلَّقَ إِحْدَى زَوْجَتَيْهِ ثُمَّ لَمْ يُبَيِّنْ حَتَّى مَاتَتْ إِحْدَى الزَّوْجَتَيْنِ، عُزِلَ مَنْ تَرِكَتِهَا مِيرَاثُ زَوْجٍ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ هِيَ الزَّوْجَةُ، وَالْأَصْلُ ثُبُوتُ الزَّوْجِيَّةِ، وَأُخِذَ بِبَيَانِ الْمُطَلَّقَةِ مِنْهُمَا بَعْدَ الْمَوْتِ كَمَا يُؤْخَذُ بِبَيَانِهَا قَبْلَهُ، سَوَاءٌ كَانَ الطَّلَاقُ مُعَيَّنًا أَوْ مُبْهَمًا، لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَاقِعٌ فِي الْإِبْهَامِ لِوُقُوعِهِ فِي التَّعْيِينِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ فِي الْمُعَيَّنِ مُخْبِرًا، فَإِنْ قَالَ: الْمُطَلَّقَةُ هِيَ الْمَيِّتَةُ وَالْبَاقِيَةُ هِيَ الزَّوْجَةُ فَقَدِ انْتَفَتِ التُّهْمَةُ عَنْهُ فِي الْمِيرَاثِ فَرُدَّ عَلَى وَرَثَتِهِ، وَتَكُونُ الْبَاقِيَةُ زَوْجَةً، فَإِنْ أُكْذِبَ فِي هَذَا الْبَيَانِ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتَةِ إِنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا، لِأَنَّهُمْ لَا يَسْتَحِقُّونَ بِهَذَا التَّكْذِيبِ شَيْئًا.
فَأَمَّا الزَّوْجَةُ الْبَاقِيَةُ إِذَا أَكْذَبَتْهُ، وَقَالَتْ: أَنَا الْمُطَلَّقَةُ فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ مُعَيَّنًا فَلَهَا إِحْلَافُهُ، وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ مُبْهَمًا فَلَيْسَ لَهَا إِحْلَافُهُ، لِأَنَّهُ فِي الْمُعَيَّنِ مُخْبِرٌ فَجَازَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى تَكْذِيبِهِ فِي خَبَرِهِ، وَفِي الْمُبْهَمِ مُخَيَّرٌ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى خِيَارِهِ. فَأَمَّا إِنْ كَانَتِ الْمَيِّتَةُ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا، فَهُوَ وَإِنْ أَسْقَطَ مِيرَاثَهُ مِنْهَا فَقَدْ رَامَ بِمَا أَقَرَّ بِهِ مِنَ الطَّلَاقِ إِسْقَاطَ نِصْفِ مَهْرِهَا فَنَنْظُرُ فَإِنْ كَانَ نِصْفُ الصَّدَاقِ مِثْلَ الْمِيرَاثِ، أَوْ أَقَلَّ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ نِصْفُ الصَّدَاقِ أَكْثَرَ كَانَ لِوَرَثَتِهَا إِحْلَافُهُ إِنْ كَانَ الطَّلَاقُ مُعَيَّنًا، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ إِحْلَافُهُ إِنْ كَانَ مُبْهَمًا، فَلَوْ مَاتَتِ الزَّوْجَتَانِ قَبْلَ بَيَانِهِ، عُزِلَ لَهُ مِنْ تَرِكَةِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِيرَاثُ زَوْجٍ، لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ هِيَ الزَّوْجَةَ وَأُخِذَ بِالْبَيَانِ، فَإِذَا بَيَّنَ طَلَاقَ إِحْدَاهُمَا رُدَّ مَا عُزِلَ مِنْ مِيرَاثِهِ مِنْهَا عَلَى وَرَثَتِهَا، وَلَمْ يَسْتَحِقَّ مِيرَاثَ الْأُخْرَى، لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ، فَإِنْ أَكْذَبَهُ الْفَرِيقَانِ كَانَ لِوَرَثَةِ الزَّوْجَةِ مِنْهُمَا إِحْلَافُهُ، إِنْ كَانَ الطَّلَاقُ مُعَيَّنًا، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ إِحْلَافُهُ إِنْ كَانَ مُبْهَمًا.
وَلَمْ يَكُنْ لِوِرْثِهِ الْمُطَلَّقَةِ مِنْهُمَا إِحْلَافُهُ إِنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا، وَلَا إِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا، وَكَانَ نِصْفُ الصَّدَاقِ أَقَلَّ مِنَ الْمِيرَاثِ أَوْ مِثْلَهُ.
وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْهُ فَلَهُمْ إِحْلَافُهُ، إِنْ كَانَ الطَّلَاقُ مُعَيَّنًا، وَلَيْسَ لَهُمْ إِحْلَافُهُ إِنْ كَانَ مُبْهَمًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute