فإن وجب الْقَوَدَ، فَالْخِيَارُ فِيهِ لِلْوَرَثَةِ، دُونَ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ.
وَإِنِ اقْتَصَّ: كَانَ لَهُ، وَإِنْ عَفَا عَنِ الْقِصَاصِ إِلَى الْمَالِ كَانَ لَهُ، وَإِنْ عَفَا عَنِ الْقِصَاصِ وَالْمَالِ، صَحَّ عَفْوُهُ عَنِ الْقِصَاصِ، وَفِي صِحَّةِ عَفْوِهِ عَنِ الْمَالِ وَجْهَانِ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ مِنْ مُسْتَحِقِّ الْمَالِ.
وَإِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ تُوجِبُ الْأَرْشَ: لَمْ يَخْلُ حَالُ الْعَبْدِ بَعْدَ الْجِنَايَةِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ.
إِمَّا أَنْ يَكُونَ بَاقِيَ الْمَنَافِعِ أَوْ تَالِفَهَا.
فَإِنْ كَانَتْ مَنَافِعُهُ بَاقِيَةً لِاخْتِصَاصِ الْجِنَايَةِ بِمَا لَا يُؤَثِّرُ فِي مَنَافِعِهِ، كَجَدْعِ أَنِفِهِ، وَجَبِّ ذَكَرِهِ، فَهُوَ مِلْكٌ لِلْوَرَثَةِ دُونَ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ لأن المنفعة بكمالها لَمْ تُؤَثِّرِ الْجِنَايَةُ فِيهَا، وَإِنَّمَا أَثَّرَتْ فِي رَقَبَتِهِ الَّتِي لَا حَقَّ لَهُ فِيهَا.
وَإِنْ كَانَتِ الْمَنَافِعُ تَالِفَةً كَحُدُوثِ الْجِنَايَةِ عَلَى نَفْسِهِ، فَفِي مُسْتَحِقِّ جِنَايَتِهِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهَا لِمَالِكِ الْمَنْفَعَةِ، لِأَنَّهَا مِنْ مَنَافِعِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهَا لِلْوَرَثَةِ، لِأَنَّهَا بَدَلٌ مِنَ الرَّقَبَةِ.
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّهَا مُقَسَّطَةٌ بَيْنَ مَالِكِ الْمَنْفَعَةِ وَمَالِكِ الرَّقَبَةِ عَلَى قَدْرِ الْقِيمَتَيْنِ، كَمَا ذَكَرْنَا مِنْ قَبْلُ فِي تَقْوِيمِ الْمَنْفَعَةِ.
وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّهُ يُشْتَرَى بِقِيمَتِهِ عَبْدٌ مِثْلُهُ يَكُونُ مَكَانَهُ، وَعَلَى حُكْمِهِ، فَتَكُونُ رَقَبَتُهُ لِلْوَرَثَةِ، وَمَنَافِعُهُ لِلْمُوصَى لَهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ:
فَإِنْ كَانَ الْمُوصَى بِمَنَافِعِهِ أمة: جاز أن تزوج لاكتساب المهر ويملك الولد، وفي مستحق تزويجها ثلاثة أوجه:
أحدهما: مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ لِأَنَّ الْمَهْرَ لَهُ.
وَالثَّانِي: مَالِكُ الرَّقَبَةِ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَهُ.
وَالثَّالِثُ: لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْ مَالِكِ الْمَنْفَعَةِ وَالرَّقَبَةِ أَنْ يَنْفَرِدَ بِتَزْوِيجِهَا، حَتَّى يَجْتَمِعَا عَلَيْهِ مَعًا، لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيهَا حَقًّا، فَإِذَا تَزَوَّجَتْ كَانَ مَهْرُهَا لمالك المنفعة، ولأنه مِنْ كَسْبِهَا الْمَأْلُوفِ، فَإِنْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ لِلْمُوصَى لَهُ بِمَنَافِعِهَا، لِأَنَّهُ مِنْ كَسْبِهَا.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ لِلْوَرَثَةِ، لأنه بعد مَعْهُودٍ مِنْ كَسْبِهَا، وَأَنَّهُ تَابِعٌ لِرَقَبَتِهَا.
وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ يَكُونُ فِي حُكْمِ الْأُمِّ، رَقَبَتُهُ لِلْوَرَثَةِ، وَمَنَافِعُهُ لِلْمُوصَى لَهُ، لِأَنَّ حُكْمَ الْوَلَدِ حُكْمُ أُمِّهِ.
فَإِنْ أَرَادَ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ وَطْءَ الْأَمَةِ، لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا، وَإِنْ وطأها حد