للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيِّ أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ، لِتَقَدُّمِهِ عَلَى زَمَانِ عِتْقِهِ.

وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَبِيعَهُ قَبْلَ مَجِيءِ غَدِهِ، وَيَبْتَاعَهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ غَدِهِ، فَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ فِي زَمَانِ الْحِنْثِ قَدْ كَانَ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ.

وَهَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: يُعْتَقُ عَلَيْهِ، وَيَنْتَقِضُ الْبَيْعُ، وَيَرْجِعُ مُشْتَرِيهِ بِثَمَنِهِ، لِاسْتِحْقَاقِ عِتْقِهِ قَبْلَ بَيْعِهِ، وَهَذَا فَاسِدٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: إنَّ نُفُوذَ الْبَيْعِ قَدْ أَوْجَبَ زَوَالَ مِلْكِهِ.

وَالثَّانِي: إنَّهُ لَوْ أَعْتَقَهُ مُشْتَرِيهِ، نَفَذَ عِتْقُهُ، وَإِنْ رَهَنَهُ قَبْلَ غَدِهِ، وَافْتَكَّهُ بَعْدَ غَدِهِ، فَفِي عِتْقِهِ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَقَاوِيلَ مِنْ نُفُوذِ الْعِتْقِ في العبد المرهون:

أحدهما: يُعْتَقُ عَلَيْهِ فِي يَسَارِهِ وَإِعْسَارِهِ.

وَالثَّانِي: لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ فِي يَسَارِهِ وَإِعْسَارِهِ.

وَالثَّالِثُ: يُعْتَقُ عَلَيْهِ فِي يَسَارِهِ وَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ فِي إِعْسَارِهِ.

وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَبِيعَهُ قَبْلَ غَدِهِ، وَيَبْتَاعَهُ قَبْلَ غَدِهِ، وَلَا يَضْرِبُهُ فِي غَدِهِ، فَهَذِهِ يَمِينٌ انْعَقَدَتْ فِي الْمِلْكِ الْأَوَّلِ، وَوُجِدَ شَرْطُ الْحِنْثِ فِي الْمِلْكِ الثَّانِي، وَلَمْ يَمْضِ شَرْطُ الْحِنْثِ بَيْنَ الْمِلْكَيْنِ، فَيَصِيرُ كَعَقْدِ الطَّلَاقِ فِي نِكَاحٍ، وَوُقُوعِهِ فِي آخَرَ، فَيَكُونُ عَلَى قَوْلَيْنِ، لَكِنِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ يَكُونُ بَيْعُهُ فِي الْمِلْكِ الْأَوَّلِ جَارِيًا مَجْرَى الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ فِي النِّكَاحِ الْأَوَّلِ أَوْ مَجْرَى الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ فِيهِ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ إنه يجري مجرى الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْعَقْدَيْنِ فِيهَا شَرْطٌ مَانِعٌ، فَعَلَى هَذَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ فِي الْقَدِيمِ قَوْلًا وَاحِدًا، وَفِي الْجَدِيدِ عَلَى قَوْلَيْنِ:

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ إنَّهُ يَجْرِي مَجْرَى الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ، لِأَنَّ الْبَيْعَ قَدْ أَزَالَ حُقُوقَ الْمِلْكِ، كَمَا أَزَالَ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ حُقُوقَ النِّكَاحِ، فَعَلَى هَذَا لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ فِي الْجَدِيدِ قَوْلًا وَاحِدًا، وَفِي الْقَدِيمِ عَلَى قَوْلَيْنِ.

(فَصْلٌ:)

وَإِذَا قَالَ لِعَبْدِهِ: إِنْ ضَرَبْتُكَ، فَأَنْتَ حُرٌّ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا يَحْنَثُ بِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ:

أَحَدُهَا: وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ إنَّهُ يَحْنَثُ بِكُلِّ مَا آلَمَ جِسْمَهُ مِنْ فِعْلٍ كَالْعَضِّ وَالرَّفْسِ وَكُلِّ مَا آلَمَ قَلْبَهُ كَالسَّبِّ وَالشَّتْمِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>