لِأَنَّهُ عَتَقَ عَلَيْهِ بِالسِّرَايَةِ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِهِ، فَصَارَ كَالتَّالِفِ مِنْ تَرَكَتِهِ، وَيَكُونُ وَلَاءُ مَا عَتَقَ مِنَ الْوَلَدِ لِسَيِّدِهِ دُونَ أُمِّهِ، وَيَرِقُّ لِلْوَرَثَةِ نِصْفُهَا وَنِصْفُ وَلَدِهَا مِيرَاثًا، وَهُوَ مِثْلَا مَا عَتَقَ مِنْهَا.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَكُونُ كَسْبًا لِلْأُمِّ وَالْوَرَثَةِ بِقَدْرِ الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ، وَلَا تَزِيدُ بِهِ التَّرِكَةُ، وَلَا يَدْخُلُ بِهِ دَوْرٌ فِي زِيَادَةِ الْعِتْقِ، فَيُعْتَقُ ثُلُثُهَا، وَتَبِعَهَا فِي الْحُرِّيَّةِ ثُلُثُ وَلَدِهَا، لِأَنَّهُ مِنْ كَسْبِهَا، وَيَكُونُ وَلَاءُ مَا عَتَقَ مِنْهُ لَهَا دُونَ سَيِّدِهَا، وَيَرِقُّ لِلْوَرَثَةِ ثُلُثَاهَا مِيرَاثًا، وَثُلُثَا وَلَدِهَا كَسْبًا.
فَصْلٌ
: وَإِذَا أَعْتَقَ السَّيِّدُ فِي مَرَضِهِ أَمَةً، وَتَزَوَّجَهَا وَوَطِئَهَا، ثُمَّ مَاتَ عَنْهَا، فَفِي نِكَاحِهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: بَاطِلٌ، لِأَنَّ حَالَهَا مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ أَنْ يُعْتَقَ مِنْ ثُلُثِهِ، فَيَصِحُّ نِكَاحُهَا، وَبَيْنَ أَنْ تَرِقَّ بِالدَّيْنِ، فَيَبْطُلُ نِكَاحُهَا، وَمَنْ هَذِهِ حَالُهَا لَا يَصِحُّ نِكَاحُهَا، لِأَنَّ النِّكَاحَ الْمَوْقُوفَ بَاطِلٌ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ. إنَّ النِّكَاحَ يَنْعَقِدُ، وَعَقْدُهُ مَوْقُوفٌ عَلَى خُرُوجِهَا مِنْ ثُلُثِهِ، أَوْ إِجَازَةِ وَرَثَتِهِ لِعِتْقِهِ لَا لِنِكَاحِهِمَا، فَإِنْ خَرَجَتْ مِنَ الثُّلُثِ أَوْ أجاز الورثة العتق صح النكاح، ولو تَرِثْ بِهِ، لِأَنَّ عِتْقَهَا وَصِيَّةٌ تَبْطُلُ بِالْمِيرَاثِ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الثُّلُثِ، وَلَمْ يُجِزِ الْوَرَثَةُ الْعِتْقَ بَطَلَ النِّكَاحُ، وَاتَّفَقَ حُكْمُ الْوَجْهَيْنِ مَعَ بُطْلَانِهِ، وَفِي وَطْئِهِ لَهَا وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَكُونُ هَدْرًا لَا تَسْتَحِقُّ بِهِ مَهْرًا، لِتَرَدُّدِ حَالِهَا بَيْنَ أَنْ تَسْتَحِقَّهُ بِعِتْقِهَا أَوْ يَسْقُطَ بِرِقِّهَا.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَكُونُ الْمَهْرُ مِنْهُ مُسْتَحَقًّا اعْتِبَارًا بِظَاهِرِ الْعِتْقِ، وَفِيهِ إِذَا كَانَ مُسْتَحَقًّا وَجْهَانِ حَكَاهُمَا ابْنُ سُرَيْجٍ:
أَحَدُهُمَا: يَكُونُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ اعْتِبَارًا بِمُهُورِ الْأَحْرَارِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَكُونُ مِنَ الثُّلُثِ اعْتِبَارًا بِعِتْقِهَا أَنَّهُ مِنَ الثُّلُثِ.
فَإِذَا اسْتَقَرَّ هَذَا لَمْ يَخْلُ حَالُهَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ تَتَّسِعَ التَّرِكَةُ لِقِيمَتِهَا وَمَهْرِهَا، فَيُنَفَّذُ عِتْقُهَا، وَتَسْتَحِقُّ بِهِ جَمِيعَ مَهْرِهَا.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَتَّسِعَ لِقِيمَتِهَا، وَيَضِيقَ عَنْ مَهْرِهَا، فَيَكُونُ نُفُوذُ عِتْقُهَا فِي جَمِيعِهَا مَوْقُوفًا عَلَى إِبْرَائِهَا مِنْ مَهْرِهَا، فَإِنْ أَبْرَأَتْ مِنْهُ بَعْدَ الْعِتْقِ فِي جَمِيعِهَا، وَإِنْ طَالَبَتْ بِهِ دَخَلَ بِهِ دَوْرٌ يَبْطُلُ بِهِ مِنْ عِتْقِهَا، بِقَدْرِ مَا تَسْتَحِقُّهُ بِحُرِّيَّتِهَا عَلَى ما سنذكره.