للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بَابُ الْحُكْمِ فِي السَّاحِرِ إِذَا قَتَلَ بِسِحْرِهِ)

أَصْلُ مَا جَاءَ فِي السِّحْرِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ. .} [البقرة: ١٠٢] الْآيَةَ. وَنَحْنُ نَذْكُرُ مَا قَالَهُ الْمُفَسِّرُونَ فِيهَا وَمَا احْتَمَلَهُ تَأْوِيلُ مَعَانِيهَا لِيَكُونَ حُكْمُ السِّحْرِ مَحْمُولًا عَلَيْهَا.

أَمَّا قوله تعالى: {واتبعوا ما تتلوا الشياطين} فيه وجهان:

أحدها: ما تدعي.

والثاني: ما تقرأ وفيما تتلوه وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: السِّحْرُ.

وَالثَّانِي: الْكَذِبُ عَلَى سُلَيْمَانَ وفي الشياطين هاهنا وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: إِنَّهُمْ شَيَاطِينُ الْجِنِّ وَهُوَ الْمُطْلَقُ مِنْ هَذَا الِاسْمِ.

وَالثَّانِي: إِنَّهُمْ شَيَاطِينُ الْإِنْسِ الْمُتَمَرِّدُونَ فِي الضَّلَالِ، وَمِنْهُ قَوْلُ جَرِيرٍ:

(" أَيَّامَ يدعونني الشيطان من غزلى ... وكن يهونني إذا كُنْتُ شَيْطَانَا))

وَفِي قَوْله تَعَالَى عَلَى مُلْكِ سليمان وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَعْنِي فِي مُلْكِ سُلَيْمَانَ لَمَّا كَانَ مَلِكًا حَيًّا وَتَكُونُ عَلَى بِمَعْنَى فِي.

وَالثَّانِي: عَلَى كُرْسِيِّ سُلَيْمَانَ، بَعْدَ وَفَاتِهِ، لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ آلَاتِ مُلْكِهِ وَيَكُونُ عَلَى مُسْتَعْمَلًا عَلَى حَقِيقَتِهِ وَفِي قَوْلِهِ: {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ ولكن الشياطين كفروا} وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَعْنِي وَمَا سَحَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ سَحَرُوا فَعَبَّرَ عَنِ السِّحْرِ بِالْكُفْرِ، لِأَنَّهُ يؤول إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>