للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ: إِنَّهَا زِيَادَةٌ عَلَى النَّصِّ فَتُعْتَبَرُ نَسْخًا فَمِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ كِلَيْهِمَا نَصٌّ فَلَمْ يَكُنْ نَاسِخًا.

وَالثَّانِي أَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى النَّصِّ لَا تَكُونُ عِنْدَنَا نَسْخًا، لِأَنَّ النَّسْخَ يَكُونُ فِيمَا لَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بينهما والجمع هاهنا مُمْكِنٌ فَلَمْ تُعْتَبَرْ نَسْخًا.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِمْ: لَمَّا لَمْ يَجُزْ نَقْلُ اللِّعَانِ إِلَى الْأَجَانِبِ لَمْ يَجُزْ نَقْلُ الْحَدِّ إِلَى الْأَزْوَاجِ فَمِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ آيَةَ الْقَذْفِ عَامَّةٌ فَدَخَلَ فِيهَا الْأَزْوَاجُ، وَآيَةُ اللِّعَانِ خَاصَّةٌ فَخَرَجَ مِنْهَا الْأَجَانِبُ فَلَمْ يَجُزِ اعْتِبَارُ إِحْدَى الْآيَتَيْنِ بِالْأُخْرَى.

وَالثَّانِي: أَنَّ عِلَّةَ الْحَدِّ الْقَذْفُ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الْأَزْوَاجِ فَسَاوَى فِيهِ الْأَجَانِبَ وَعِلَّةَ اللِّعَانِ الزَّوْجِيَّةُ وَهُوَ مَعْدُومٌ فِي الْأَجْنَبِيِّ فَخَالَفَ فِيهِ الْأَزْوَاجَ. وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِمْ: إِنَّهُ لَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَدُّ مَا كَانَ لَهُ إِسْقَاطُهُ بِنَفْسِهِ، فَهُوَ أَنَّ اللِّعَانَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ يَمِينًا عَلَى قَوْلِنَا أَوْ شَهَادَةً عَلَى قَوْلِهِمْ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَدْخَلٌ فِي الْإِبْرَاءِ مِنَ الْحُقُوقِ فَلَمْ يَمْتَنِعْ أَنْ يَسْقُطَ بِهِ الْحَدُّ، وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِمْ: إِنَّ اللِّعَانَ تَكْرِيرُ الْقَذْفِ فَلَمْ يَسْقُطْ بِهِ حَدُّ الْقَذْفِ فَمِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَمِينٌ أَوْ شَهَادَةٌ ولا يكون واحداً مِنْهُمَا قَذْفًا.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِاللِّعَانِ عِنْدَنَا عَلَى طَرِيقِ الْجَوَازِ وَعِنْدَهُمْ عَلَى وَجْهِ الْوُجُوبِ، والقذف مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَغَيْرُ دَاخِلٍ فِي الْحُكْمَيْنِ فَبَطَلَ بهذين أن يكون قذفاً. . والله أعلم.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ أَنْ لَيْسَ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَلْتَعِنَ حَتَى تَطْلُبَ الْمَقْذُوفَةُ كَمَا لَيْسَ عَلَى قَاذِفِ الْأَجْنَبِيَّةِ حَدٌّ حَتَّى تَطْلُبَ حَدَّهَا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حَدِّ الْقَذْفِ على خمسة مذاهب:

أحدهما: وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ: إنَّهُ مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ، لَا يَجِبُ إِلَّا بِالْمُطَالَبَةِ وَيَسْقُطُ بِالْعَفْوِ وَيَنْتَقِلُ إِلَى الْوَرَثَةِ بِالْمَوْتِ.

وَالثَّانِي: وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ: إنَّهُ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى الْمُحَصَّنَةِ يَجِبُ بِغَيْرِ مُطَالَبَةٍ وَلَا يَسْقُطُ بِالْعَفْوِ.

وَالثَّالِثُ: وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ: إنَّهُ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ الْمُحَصَّنَةِ، لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ إِلَّا بِالْمُطَالَبَةِ وَلَا يَسْقُطُ بِالْعَفْوِ وَلَا يَنْتَقِلُ إِلَى الْوَرَثَةِ بالموت.

<<  <  ج: ص:  >  >>