للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دُونَ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِيهَا، وَإِنْ قُلْنَا إِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الرَّاكِبِ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ لِلْمَالِكِ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنَ الْأُجْرَةِ أَوِ الْقِيمَةِ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يُحْكَمُ لَهُ بِهِ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى اسْتِحْقَاقِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُحْكَمُ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْهَا لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِي الْقِيمَةَ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ.

فَصْلٌ

: وَالْفَصْلُ الثَّانِي وَهُوَ أَنْ يَقُولَ الْمَالِكُ غَصَبْتَنِيهَا وَيَقُولَ الرَّاكِبُ أَعَرْتَنِيهَا فَهَذَا الِاخْتِلَافُ مُؤَثِّرٌ فِي الْأُجْرَةِ دُونَ الْقِيمَةِ لِأَنَّ الْعَارِيَةَ مَضْمُونَةٌ كَالْغَصْبِ وَأُجْرَةُ الْعَارِيَةِ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ بِخِلَافِ الْغَصْبِ. فَإِنْ كَانَ هَذَا قَبْلَ الرُّكُوبِ سَقَطَ تأثر هَذَا الِاخْتِلَافِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الرُّكُوبِ فَالَّذِي نَقَلَهُ الْمُزَنِيُّ هَاهُنَا أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُسْتَعِيرِ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فَكَانَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ يخرجها على قولين كالمسألة الأولىلاستوائها في العلة ويجعل مانقله المزني ها هنا أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ. وَذَهَبَ آخَرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا إِلَى أَنَّ الْقَوْلَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلُ الْمَالِكِ قَوْلًا وَاحِدًا وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالَّتِي قَبْلَهَا أَنَّ فِي اخْتِلَافِهِمَا فِي الْعَارِيَةِ وَالْإِجَارَةِ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الرَّاكِبَ مَالِكٌ لِلْمَنْفَعَةِ فَجَازَ أَنْ لَا يُقْبَلَ قَوْلُ الْمَالِكِ فِي الْأُجْرَةِ وَلَمْ يَتَّفِقَا عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّ الْمَالِكَ يَقُولُ أَتْلَفْتَ أَيُّهَا الرَّاكِبُ مَنْفَعَتِي بِغَيْرِ حَقٍّ وَالرَّاكِبُ يَقُولُ أَتْلَفْتُهَا مُسْتَعِيرًا بِحَقٍّ فَلَمْ يُصَدَّقْ، فَمَنْ قَالَ بِهَذَا أَجَابَ عَمَّا نَقَلَهُ الْمُزَنِيُّ بِجَوَابَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ زَلَلٌ من المزني وسهواً وَالثَّانِي تَسْلِيمُ الرِّوَايَةِ وَاسْتِعْمَالُهَا عَلَى أَحَدِ تَأْوِيلَيْنِ إِمَّا عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُسْتَعِيرِ فِي قَدْرِ الْأُجْرَةِ وَإِمَّا عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُسْتَعِيرِ فِي أَنْ لَا يَلْزَمَهُ الضَّمَانُ إِلَّا فِي الْعَارِيَةِ دُونَ الْغَصْبِ. وَهَذَا تَأْوِيلُ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ ضَمَانِ الْعَارِيَةِ وَضَمَانِ الْغَصْبِ. فَعَلَى هَذَا لَوْ تَلِفَتِ الدَّابَّةُ ضَمِنَ قِيمَتَهَا وَكَانَتِ الْأُجْرَةُ عَلَى مَا مَضَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ

: وَالْفَصْلُ الثَّالِثُ أَنْ يَقُولَ رَبُّ الدَّابَّةِ أَعَرْتُكَهَا وَيَقُولُ الرَّاكِبُ اسْتَأْجَرْتُهَا فَتَأْثِيرُ هَذَا الِاخْتِلَافِ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: فِي ضَمَانِ رَقَبَتِهَا لِأَنَّ الْعَارِيَةَ مَضْمُونَةٌ وَالْمُؤَاجَرَةَ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ، فَإِنْ كَانَتِ الدَّابَّةُ بَاقِيَةً سَقَطَ هَذَا الِاخْتِلَافُ. وَالثَّانِي لُزُومُ رُكُوبِهَا تِلْكَ الْمُدَّةَ فَإِنْ كَانَتِ الدَّابَّةُ تَالِفَةً أَوِ الْمُدَّةُ مُنْقَضِيَةً سَقَطَ تَأْثِيرُ هَذَا الِاخْتِلَافِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ مَا أَجَّرَهَا لِأَنَّ الرَّاكِبَ يَدَّعِي عَلَيْهِ عَقْدًا فِي إِجَارَتِهَا، فَإِنْ كَانَتِ الدَّابَّةُ قَائِمَةَ أَخَذَهَا وَلَا أُجْرَةَ لَهُ؛ لِأَنَّ الرَّاكِبَ وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا فالمالك لا يدعيها وإن كانت الدابة تَالِفَةً كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الرَّاكِبِ بِقِيمَتِهَا لِأَنَّهَا تَالِفَةٌ فِي يَدِهِ وَهُوَ يَدَّعِي بِالْإِجَارَةِ اسْتِيمَانًا فَلَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ وَلَزِمَهُ غُرْمُ الْقِيمَةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِمُدَّةِ الرُّكُوبِ أُجْرَةٌ وَإِنْ لَمْ يُحْكَمْ لِلْمَالِكِ بِالْقِيمَةِ إِلَّا بَعْدَ يَمِينِهِ بِاللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ مَا أَجَّرَهَا وَلَقَدْ أَعَارَهَا إِلَّا أَنْ تَنْقَضِيَ الْمُدَّةُ فَيَحْلِفُ بِاللَّهِ لَقَدْ أَعَارَهَا وَلَا يَحْلِفُ مَا أَجَّرَهَا لِتَقْضِيَ زَمَانَ الإجارة وإن

<<  <  ج: ص:  >  >>