للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِذَا رَهَنَهُ مَا يَفْسَدُ مِنْ يَوْمِهِ أَوْ غَدِهِ أَوْ مُدَّةٍ قَصِيرَةٍ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ يَابِسًا مِثْلَ الْبَقْلِ وَالْبِطِّيخِ فَإِنْ كَانَ الْحَقُّ حَالًّا فَجَائِزٌ وَيُبَاعُ وَإِنْ كَانَ إِلَى أَجَلٍ يَفْسَدُ إِلَيْهِ كَرِهْتُهُ وَمَنَعَنِي مِنْ فَسْخِهِ أَنَّ لِلرَّاهِنِ بَيْعَهُ قَبْلَ مَحَلِّ الْحَقِّ عَلَى أَنْ يُعْطَى صَاحِبُ الْحَقِّ حَقَّهُ بِلَا شَرْطٍ فَإِنْ شَرَطَ أَنْ لَا يُبَاعَ إِلَى أَنْ يَحِلَّ الْحَقُّ فَالرَّهْنُ مَفْسُوخٌ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَجُمْلَةُ الرَّهْنِ أَنَّهُ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

ضَرْبٌ يَبْقَى وَلَا يَفْسَدُ غَالِبًا كَالثِّيَابِ وَالْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانَاتِ، فَرَهْنُ هَذِهِ جَائِزٌ فِي الْحَالِّ وَالْمُؤَجَّلِ. فَإِنْ حَدَثَ بِهَا مَا يُؤَدِّي إِلَى فَسَادِهَا مِثْلُ عَتٍّ يَأْكُلُ الثَّوْبَ، أَوْ كَسْرٍ يُصِيبُ الْحَيَوَانَ لَمْ يَقْدَحْ ذَلِكَ فِي صِحَّةِ الرَّهْنِ، وَلَكِنْ هَلْ يُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى بَيْعِهِ قَبْلَ ضِمَادِهِ لِيَكُونَ ثَمَنُهُ رَهْنًا مَكَانَهُ أَوْ قِصَاصًا مِنَ الْحَقِّ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهِ لِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ فِي حَبْسِهِ دُونَ بَيْعِهِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهِ لِمَا فِي الْبَيْعِ مِنَ اسْتِيفَاءِ الْوَثِيقَةِ كَمَا يُجْبَرُ عَلَى الْمَعْلُوفَةِ وَالنَّفَقَةِ.

(فَصْلٌ)

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: مَا يَفْسَدُ وَلَا يَبْقَى كَالْأَطْعِمَةِ وَالْفَوَاكِهِ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ اسْتِصْلَاحُهُ لِلتَّبْقِيَةِ مُمْكِنًا كَالرُّطَبِ الَّذِي إِنْ جُفِّفَ صَارَ تَمْرًا، وَالْعِنَبِ الَّذِي إِنْ جُفِّفَ صَارَ زَبِيبًا، فَرَهْنُ هَذَا جَائِزٌ فِي الْحَالِّ وَالْمُؤَجَّلِ، لِإِمْكَانِ تَبْقِيَتِهِ بِالتَّجْفِيفِ.

فَإِنِ امْتَنَعَ الرَّاهِنُ مِنْ تَجْفِيفِهِ أُجْبِرَ عَلَيْهِ لِمَا فِيهِ مِنْ حِفْظِ مِلْكِ الرَّاهِنِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ اسْتِصْلَاحُهُ مَعَ التَّبْقِيَةِ غَيْرَ مُمْكِنٍ كَالْبِطِّيخِ وَالْخِيَارِ وَسَائِرِ الطَّبَائِخِ كَالْهَرِيسَةِ وَغَيْرِهَا فَإِنْ كَانَ الْحَقُّ حَالًّا كَانَ رَهْنُهُ مِنْهُ جَائِزًا لِوُجُوبِ بَيْعِهِ قَبْلَ فَسَادِهِ. وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ مُؤَجَّلًا فَالْأَجَلُ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ حُلُولُهُ قَبْلَ فَسَادِهِ فَرَهْنُهُ جَائِزٌ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ حُلُولُهُ بَعْدَ فَسَادِهِ فَهَذَا عَلَى ضرين:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَشْتَرِطَا تَبْقِيَةَ الرَّهْنِ إِلَى وَقْتِ حُلُولِهِ فَهَذَا رَهْنٌ بَاطِلٌ لِعِلْمِنَا بِتَلَفِهِ قَبْلَ حُلُولِ الْحَقِّ.

(فَصْلٌ)

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يُطْلِقَا رَهْنَهُ وَلَا يَشْتَرِطَا تَبْقِيَتَهُ فَفِي جَوَازِ رَهْنِهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ رَهْنَهُ جَائِزٌ لِأَمْرَيْنِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>