[(باب صلاة العيدين)]
قال الشافعي رضي الله عنه: " ومن وجب عليه حضور الجمعة وجب عليه حُضُورُ الْعِيدَيْنِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: الْأَصْلُ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ قَوْله تَعَالَى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (الكوثر: ٢٥) قِيلَ فِي التَّفْسِيرِ إِنَّهَا صَلَاةُ الْعِيدِ، رَوَى حَمَّادٌ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قدم المدينة وللأنصار يوما يَلْعَبُونَ فِيهِمَا فَقَالَ مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ فَقَالُوا يَوْمَانِ كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا الْعِيْدَيْنِ الْفِطْرَ وَالْأَضْحَى " وَرُوِيَ أَنَّ أَوَّلَ عِيدٍ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَاةُ الْعِيدِ يَوْمَ الْفِطْرِ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ وَفِيهَا فُرِضَتْ زَكَاةُ الْفِطْرِ، وَسُمِّيَ عِيدًا لِأَنَّهُ يَعُودُ فِي كُلِّ سَنَةٍ، وَقِيلَ بَلْ سُمِّيَ عِيدًا لِأَنَّ السُّرُورَ يَعُودُ فِيهِ إليهم.
(فَصْلٌ)
: لَا يَخْتَلِفُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَسَائِرِ أَصْحَابِهِ أَنَّ صَلَاةَ الْعِيدِ لَيْسَتْ مِنْ فُرُوضِ الْأَعْيَانِ، وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا هَلْ هِيَ سُنَّةٌ أَوْ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ.
فَذَهَبَ أَبُو سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيُّ إِلَى أنها مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ، لِأَنَّهَا مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ الظَّاهِرَةِ، فَاقْتَضَى أَنْ تَكُونَ فَرْضًا عَلَى الْكِفَايَةِ ك (الجهاد) فَعَلَى هَذَا لَوِ اجْتَمَعَ أَهْلُ بَلَدٍ عَلَى تَرْكِهَا قَاتَلَهُمُ الْإِمَامُ حَتَّى يُقِيمَهَا مَنْ يَسْقُطُ الْفَرْضُ بِإِقَامَتِهِ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ وَهُوَ أَشْبَهُ بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، إِنَّهَا سُنَّةٌ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لَا فَرْضَ إِلَّا الْخَمْسَ " فَعَلَى هَذَا لَوِ اجْتَمَعَ أَهْلُ بَلَدٍ عَلَى تَرْكِهَا، لَمْ يَجُزْ قِتَالُهُمْ وَعُنِّفُوا عَلَى تَرْكِهَا تَعْنِيفًا بَلِيغًا، وَقِيلَ بَلْ يُقَاتِلُهُمْ، لِاسْتِخْفَافِهِمْ بِالدِّينِ.
فَأَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ " ومن وجب عليه حضور الجمعة وجب عليه حُضُورُ الْعِيدَيْنِ " هَذَا نَقْلُ الْمُزَنِيِّ فِي الْقَدِيمِ فِي كِتَابِ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ، وَفِيهِ لِأَصْحَابِنَا تَأْوِيلَانِ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي الصَّلَاةِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute