بِهِ قَتْلُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَا يَسْحَرُ بِهِ كُفْرًا، فَيَصِيرُ بِاعْتِقَادِ الْكُفْرِ كَافِرًا يَجِبُ قَتْلُهُ بِالْكُفْرِ لَا بِالسِّحْرِ - وَقَدْ دَلَلْنَا لَهُمْ وعليهم بما أجزأ.
[(مسألة)]
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَيُقَالُ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ وَقَالَ أَنَا أُطِيقُهَا وَلَا أُصَلِّيهَا لَا يَعْمَلُهَا غَيْرُكَ فَإِنْ فَعَلْتَ وَإِلَّا قَتَلْنَاكَ كَمَا تَتْرُكُ الْإِيمَانَ وَلَا يَعْمَلُهُ غَيْرُكَ فَإِنْ آمَنْتَ وَإِلَّا قَتَلْنَاكَ) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ مَضَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ، وَذَكَرْنَا أَنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ ضَرْبَانِ: جَاحِدٌ وَمُعْتَرِفٌ.
فأما الجاحد لوجوبها: فهو مرد تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الرِّدَّةِ، وَهُوَ إِجْمَاعٌ.
وَأَمَّا الْمُعْتَرِفُ بِوُجُوبِهَا التَّارِكُ لِفِعْلِهَا: فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ:
أَحَدُهَا: - وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ - إنَّهُ يَكْفُرُ بِتَرْكِهَا كَمَا يَكْفُرُ بِجُحُودِهَا. لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: بَيْنَ الْكُفْرِ وَالْإِيْمَانِ تَرْكُ الصَّلَاةِ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ.
وَالثَّانِي: - وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ - إنَّهُ لَا يَكْفُرُ بِتَرْكِهَا وَلَا يُقْتَلُ، وَيُحْبَسُ حَتَّى يُصَلِّيَ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إلا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دمائهم وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا) .
وَالثَّالِثُ: وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ - إنَّهُ يُقْتَلُ بِتَرْكِهَا لَا بِكُفْرِهِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَلَا إِنِّي نُهِيتُ عَنْ قَتْلِ الْمُصَلِّينَ) . فَدَلَّ عَلَى أَنَّ غَيْرَ الْمُصَلِّي مُبَاحُ الدَّمِ.
- وَقَدْ مَضَى مِنَ الدَّلَائِلِ وَالْمَعَانِي مَا أَقْنَعَ -.
(فَصْلٌ)
وَإِذَا كَانَ قَتْلُهُ بِتَرْكِهَا وَاجِبًا، فَلَا يَجُوزُ قَتْلُهُ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ تَرْكِهَا، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي وَقْتِ سُؤَالِهِ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: يَسْأَلُ عَنْ تَرْكِهَا فِي آخِرِ وَقْتِهَا إِذَا لَمْ يَبْقَ مِنْهُ إِلَّا قَدْرُ فِعْلِهَا.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُسْأَلُ عَنْهَا إِلَّا بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا، فَإِذَا سُئِلَ عَنْهَا وَأَجَابَ بِأَنَّهُ نَسِيَ، قِيلَ لَهُ: صِلِّ فَقَدْ ذُكِّرْتَ.
فَإِنْ قَالَ: أَنَا مَرِيضٌ.
قِيلَ: صَلِّ كَيْفَ أَطَقْتَ.
وَإِنْ قَالَ: لَسْتُ أُصَلِّي كَسَلًا وَاسْتِثْقَالًا.