للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تفسير مهر مثلها من الجامع من كتاب الصداق وكتاب الإملاء على مسائل مالك

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " وَمَتَى قُلْتُ لَهَا مهر نسائها فإنما أغني نِسَاءَ عَصَبَتِهَا وَلَيْسَ أُمَّهَا مِنْ نِسَائِهَا وَأَعْنِي نساء بلدها ".

قال الماوردي: وهذا صحيح. إِذَا اسْتَحَقَّتِ الْمَرْأَةُ مَهْرَ مِثْلِهَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَجِبُ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ، وَقَدْ مَضَى فِي مَوَاضِعِهِ وَجَبَ أَنْ يُعْتَبَرَ مَهْرُ مِثْلِهَا فِي حَالَتَيْنِ:

إِحْدَاهُمَا: فِي مَنْصِبِهَا.

وَالثَّانِيَةُ: فِي صِفَاتِ ذَاتِهَا.

فَأَمَّا الْمَنْصِبُ فَمُعْتَبَرٌ بِنَظِيرِهَا فِي النَّسَبِ.

وَقَالَ مَالِكٌ: مُعْتَبَرٌ بِنَظِيرِهَا فِي الْبَلَدِ، فَغَلَبَ اعْتِبَارُ الْبَلَدِ عَلَى اعْتِبَارِ النَّسَبِ، وَهَذَا فَسَادٌ، لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَضَى فِي بَرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ بِمَهْرِ نِسَائِهَا، والميراث.

ولأن الأنساب معقود فِي الْمَنَاكِحِ دُونَ الْبُلْدَانِ، وَلِأَنَّهَا مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ اللَّازِمَةِ، وَلِأَنَّ أَهْلَ الْبَلَدِ قَدْ يَخْتَلِفُ مُهُورُهُمْ بِاخْتِلَافِ الْأَنْسَابِ، وَإِذَا وَجَبَ اعْتِبَارُ النَّظِيرِ فِي النَّسَبِ، وَجَبَ اعْتِبَارُ نَظِيرِهَا مِنْ نِسَاءِ الْعَصَبَاتِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ، وَلَا اعْتِبَارَ بِنِسَاءِ الْأُمِّ وَلَا بِنِسَاءِ ذَوِي الْأَرْحَامِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، هُمَا سَوَاءٌ، فَيُعْتَبَرُ بِنِسَاءِ أَهْلِهَا مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَالْأُمِّ مِنَ الْعَصَبَاتِ وَذَوِي الْأَرْحَامِ.

وَهَذَا فَاسِدٌ، لِأَنَّ النَّسَبَ مُعْتَبَرٌ بِالْأَبِ دُونَ الْأُمِّ، وَكَذَلِكَ كَانَ وَلَدُ الْعَرَبِيِّ مِنَ النَّبَطِيَّةِ عَرَبِيًّا، وَوَلَدُ النَّبَطِيِّ مِنَ الْعَرَبِيَّةِ نَبَطِيًّا، فَاقْتَضَى إِذَا كَانَ مَنْصِبُ النَّسَبِ مُعْتَبَرًا أَنْ يَكُونَ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ الَّذِي ثَبَتَ بِهِ النَّسَبُ دُونَ الْأُمِّ الَّتِي لَا يَلْحَقُ بِهَا نَسَبٌ.

فَصْلٌ

فَإِذَا ثَبَتَ اعْتِبَارُهَا بِنِسَاءِ عَصَبَتِهَا، فَأَقْرَبُهُنَّ الْأَخَوَاتُ، فَيُعْتَبَرُ الْأَخَوَاتُ مِنَ الْأَبِ وَالْأُمِّ، وَالْأَخَوَاتُ مِنَ الْأَبِ، وَلَا اعْتِبَارَ بِالْأَخَوَاتِ مِنَ الْأُمِّ، لِأَنَّهُنَّ مُشَارِكَاتٌ فِي الرَّحِمِ دُونَ النَّسَبِ.

فَلَوِ اجْتَمَعَ أَخَوَاتٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ، وَأَخَوَاتٌ لِأَبٍ فَفِيهِنَّ وَجْهَانِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>