للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ

: فَأَمَّا إِذَا غَصَبَ رَجُلٌ أَرْضًا وَقَلَعَ مِنْهَا شَجَرًا فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ الشَّجَرُ بَاقِيًا أَوْ مُسْتَهْلَكًا فَإِنْ كَانَ بَاقِيًا فَفِي كَيْفِيَّةِ ضَمَانِهِ لِأَصْحَابِنَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّهُ يَضْمَنُ مَا بَيْنَ قِيمَةِ الشَّجَرِ قَائِمًا وَمَقْلُوعًا لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ عَلَى الشَّجَرِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَضْمَنُ مَا بَيْنَ قِيمَةِ الْأَرْضِ ذَاتِ شَجَرٍ قَائِمٍ وَمَا بَيْنَ قِيمَتِهَا وَالشَّجَرُ مَقْلُوعٌ مِنْهَا لِأَنَّ تَعَدِّيَهُ قَدْ سَرَى إِلَى الْأَرْضِ.

وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ يَضْمَنُ أَغْلَظَ الْأَمْرَيْنِ لِاجْتِمَاعِ الْعِلَّتَيْنِ فِي تَغْلِيظِ الْغَصْبِ فَلَوْ كَانَ الشَّجَرُ قَدْ نَجَرَهُ أَبْوَابًا أَوْ عَمِلَهُ سُفُنًا فَزَادَ فِي قِيمَتِهِ بِعَمَلِهِ بِقَدْرِ مَا ضَمِنَهُ مِنْ نَقْصِهِ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ ضَمَانُ النَّقْصِ بِمَا تَطَوَّعَ بِهِ مِنْ زِيَادَةِ الْعَمَلِ وَلَزِمَهُ الْغُرْمُ مَعَ رَدِّهِ زَائِدًا فَإِنْ خَلَعَ الْأَبْوَابَ وَهَدَمَ السُّفُنَ حَتَّى ذَهَبَتْ زِيَادَةُ عَمَلِهِ ضَمِنَ أَيْضًا نَقْصَهَا بَعْدَ ذَهَابِ الْعَمَلِ لِمَا عَلَّلْنَا بِهِ مِنْ لُزُومِ رَدِّهَا مَعْمُولَةً. وَإِنْ كَانَ الشَّجَرُ قَدِ اسْتُهْلِكَ حِينَ قَلَعَهُ فَضَمَانُهُ يَكُونُ عَلَى الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ.

فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ: يَضْمَنُ قِيمَةَ الشَّجَرِ قَائِمًا.

وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي: يَضْمَنُ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ الْأَرْضِ بِقَلْعِ الشَّجَرِ.

وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّالِثِ: يَضْمَنُ أَغْلَظَ الْأَمْرَيْنِ.

فَصْلٌ

: وَإِذَا غَصَبَ أَرْضًا فَطَرَحَ فِيهَا تُرَابًا لَمْ يَخْلُ حَالُ التُّرَابِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ إِمَّا أَنْ يُمْكِنَ أخذه منها أم لَا فَإِنْ أَمْكَنَ أَخْذُهُ مِنْهَا أَخَذَهُ الْغَاصِبُ إِنْ تَمَيَّزَ وَضَمِنَ مَا نَقَصَتِ الْأَرْضُ بِأَخْذِهِ إِنْ نَقَصَتْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَخْذُهُ مِنْهَا لِبَسْطِ ذَلِكَ فِيهَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ عَلَى قِيمَتِهَا الْأُولَى لَمْ تَزِدْ وَلَمْ تَنْقُصْ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْغَاصِبِ وَلَا لَهُ لِأَنَّ تُرَابَهُ صَارَ مُسْتَهْلَكًا.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهَا قَدْ نَقَصَتْ عَنْ حَالِهَا قَبْلَ بَسْطِ التُّرَابِ فِيهَا فَيَضْمَنُ قَدْرَ نَقْصِهَا، وَيَصِيرُ تُرَابُهُ مُسْتَهْلَكًا.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهَا قَدْ زَادَتْ عَنْ حَالِهَا قَبْلَ بَسْطِ التُّرَابِ فِيهَا فَلَا يَخْلُو حَالُ التُّرَابِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:

إِمَّا أَنْ يَكُونَ طَاهِرًا أَوْ نَجِسًا فَإِنْ كَانَ نَجِسًا كَالْأَرْوَاثِ وَالْكَسَايِحِ النَّجِسَةِ فَلَا شَيْءَ لِلْغَاصِبِ فِيهَا لِفَوَاتِ الرُّجُوعِ بِهَا وَتَحْرِيمِ الْمُعَاوَضَةِ عَلَيْهَا. وَإِنْ كَانَ طَاهِرًا فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مُسْتَهْلَكٌ لَا شَيْءَ لَهُ في لِاسْتِهْلَاكِهِ إِيَّاهُ بِنَفْسِهِ فِيمَا لَا يَتَمَيَّزُ عَنْهُ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَكُونُ شَرِيكًا فِي ثَمَنِ الْأَرْضِ بِقَدْرِ ثَمَنِ التُّرَابِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ اسْتِهْلَاكًا لِتُرَابِهِ كَمَا لَا يَكُونُ صَبْغُ الثَّوْبِ بِمَا لَا يُمْكِنُ اسْتِخْرَاجُهُ مِنْهُ اسْتِهْلَاكًا لِلصَّبْغِ فَعَلَى هَذَا يُنْظَرُ قِيمَةَ الْأَرْضِ قَبْلَ بَسْطِ التُّرَابِ فِيهَا فَإِذَا قِيلَ أَلْفٌ نُظِرَ قِيمَةَ التُّرَابِ قَبْلَ بَسْطِهِ فَإِذَا قِيلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>