[(مسألة)]
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَا وِلَايَةَ لِأُمِّ أَبِي الْأُمِّ لِأَنَّ قَرَابَتَهَا بِأَبٍ لَا بِأُمٍّ فَقَرَابَةُ الصَّبِيِّ مِنَ النِّسَاءِ أَوْلَى ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ كُلُّ ذكر لها يَرِثُ فَلَا حَضَانَةَ لَهُ، لِأَنَّهُ عُدِمَ آلَةَ التَّرْبِيَةِ مِنَ الْأُنُوثِيَّةِ وَفَقَدَ قُوَّةَ النَّسَبِ لِسُقُوطِ للميراث فَجَرَى مَجْرَى الْأَجَانِبِ فَمِنْهُمْ أَبُو الْأُمِّ وَلَا حَضَانَةَ لَهُ وَكَذَلِكَ الْخَالُ وَالْعَمُّ لِلْأُمِّ، وَبَنُو الْخَالَاتِ وَالْعَمَّاتِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِهَؤُلَاءِ وَمَنْ جَرَى مَجْرَاهُمْ حَضَانَةٌ، فَلَا حَضَانَةَ لِبَنَاتِهِمْ لِإِدْلَائِهِنَّ بِمَنْ لَا يَسْتَحِقُّهَا، فَصِرْنَ فِيهِ أَضْعَفَ مِنْهُ فَإِنْ قِيلَ: أَفَلَيْسَ إِذَا سَقَطَتْ حَضَانَةُ الْكَافِرَةِ وَالْفَاسِقَةِ وَذَاتِ الزَّوْجِ لَمْ تَسْقُطْ حَضَانَةُ بَنَاتِهِنَّ، وَإِنْ أَدْلَيْنَ بِمَنْ لَا يَسْتَحِقُّهَا، فَهَلَّا كَانَتِ الْمُدْلِيَةُ بِذَكَرٍ لَا يَرِثُ فِي اسْتِحْقَاقِهَا، كَذَلِكَ.
قِيلَ: لِأَنَّ سُقُوطَ الْحَضَانَةِ بِالْكُفْرِ وَالرِّقِّ وَالْفِسْقِ لِعَارِضِ نَقْصٍ مَعَ وُجُودِ السَّبَبِ الَّذِي تَسْتَحِقُّ بِهِ الْحَضَانَةَ، وَقَدْ يَزُولُ فَتَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ وَلَيْسَ كَمَنْ ذَكَرْنَا مِنَ الذُّكُورِ الَّذِينَ لَا يَرْثُونَ لِأَنَّهُمْ سَقَطُوا لِعَدَمِ النَّسَبِ لَا لِنَقْصِ عِرْضٍ فَافْتَرَقُوا فَعَلَى هَذَا فَلَا حَضَانَةَ لِأُمِّ أَبِي الْأُمِّ وَلَا لِأُمَّهَاتِ آبَائِهِ وَأُمَّهَاتِهِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ جَدَّةٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ أَبٌ بَيْنَ أُمَّيْنِ.
فَإِنِ انْفَرَدَ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ مِنَ الْقَرَابَاتِ عَنْ مُسْتَحِقِّهَا فَهَلْ يُسَاوِينَ الْأَجَانِبَ فِيهَا، وَيَصِرْنَ أَحَقَّ بِهَا عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنَ الْوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُنَّ وَالْأَجَانِبَ فِيهَا سَوَاءٌ، فَإِنْ قَدِمُوا مِنْ طَرِيقِ الْأَوْلَى دُونَ الِاسْتِحْقَاقِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَهَا بَعْدَ عَدَمِ مُسْتَحِقِّهَا لِتَمَيُّزِهِمْ بِقَرَابَةٍ بَانُوا بِهَا جَمِيعَ الْأَجَانِبِ فَعَلَى هَذَا لَوِ اجْتَمَعَ فِيهَا الذُّكُورُ، وَمَنْ أَدْلَى بِهِمْ مِنَ الْإِنَاثِ فَفِي أَحَقِّهِمْ بِهَا وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الذُّكُورَ أَحَقُّ بِهَا لِقُرْبِهِمْ مِمَّنْ أَدْلَى بِهِمْ لِبُعْدِهِمْ فَيَكُونُ أَبُو الْأُمِّ أَحَقَّ بِالْحَضَانَةِ مِنْ أُمِّهِ. وَالْخَالُ أَحَقَّ بِهَا مِنْ بِنْتِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْإِنَاثَ مَعَ بَعْدَهُنَّ أَحَقُّ بِهِمَا مِمَّنْ أَدْلَيْنَ بِهِ مِنَ الذُّكُورِ مع قربهم لاختصاصهن بالأنثوية الَّتِي هِيَ آلَةُ التَّرْبِيَةِ، وَمَقْصُودُ الْحَضَانَةِ فَتَكُونُ أُمُّ أَبِي الْأُمِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute