للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِ الدَّعْوَى، فَلَمْ تَبْطُلْ بِمَا حَدَثَ بَعْدَهُ مِنَ الدَّعْوَى كَاخْتِلَافِ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ بَعْدَ بَيْعِ الْوَكِيلِ هَلْ كَانَ بَيْعُهُ قَبْلَ فَسْخِ الْوَكَالَةِ فَيَصِحَّ، أَوْ بَعْدَ فَسْخِهَا فَيَبْطُلَ، فَإِنَّهُ مُعْتَبَرٌ بِأَسْبَقِهِمَا قَوْلًا، فَإِنْ بَدَأَ الْوَكِيلُ فَقَالَ: قَدْ بِعْتُ السِّلْعَةَ بِوَكَالَتِكَ، وَقَالَ الْمُوَكِّلُ قَدْ فَسَخْتُ وكالتك قبل بيعك أن القول قول قَوْلُهُ، لِأَنَّ الْوَكِيلَ قَدْ كَانَ فِي حَالِ الْوَكَالَةِ فَصَارَ مَقْبُولًا عَلَى مُوَكِّلِهِ، وَإِنْ سَبَقَ الْمُوَكِّلُ فَقَالَ: فَسَخْتُ وَكَالَتَكَ، فَقَالَ الْوَكِيلُ: قَدْ بِعْتُ قَبْلَ فَسْخِكَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ، لِأَنَّ الْوَكِيلَ قَدْ خَرَجَ مِنَ الْوَكَالَةِ بِفَسْخِهِ، فَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ بَعْدَ فَسْخِ وَكَالَتِهِ كَذَلِكَ حُكْمُ اخْتِلَافِهِمَا فِي تَقَدُّمِ الرَّجْعَةِ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ يَكُونُ مُعْتَبَرًا بِأَسْبَقِهِمَا قَوْلًا إِذَا اسْتَقَرَّ قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَّصِلَ بِإِنْكَارٍ، فَإِنِ اتَّصَلَ بِإِنْكَارٍ لَمْ يَسْتَقِرَّ مَعَهُ حُكْمُ السَّبْقِ، إِمَّا بِأَنْ تَبْدَأَ الزَّوْجَةُ فَتَقُولَ: قَدِ انْقَضَتْ عِدَّتِي، فَيَقُولَ الزَّوْجُ جَوَابًا لَهَا: قَدْ رَاجَعْتُكِ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِكِ، أَوْ يَبْدَأَ الزَّوْجُ فَيَقُولَ: قَدْ رَاجَعْتُكِ فِي عِدَّتِكِ، فَتَقُولَ الزَّوْجَةُ جَوَابًا لَهُ: قَدِ انْقَضَتْ عِدَّتِي قَبْلَ رَجْعَتِكَ، فَيَكُونَا فِي حُكْمِ الدَّعْوَى سَوَاءً، وَلَا يَقْوَى قَوْلُ مَنْ سَبَقَ مِنْهُمَا بِالدَّعْوَى إِذَا أُجِيبَتْ بِالْإِنْكَارِ، لِأَنَّ حُكْمَ قوله لم يستقر، وإذا كان كَذَلِكَ صَارَا فِيهَا مُتَسَاوِيَيْنِ فَالْقَوْلُ حِينَئِذٍ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ قَوْلُ الزَّوْجَةِ دُونَ الزَّوْجِ لِمَعْنَيَيْنِ يَرْجِعُ بِهِمَا قَوْلُهُمَا إِنَّهَا جَارِيَةٌ فِي فَسْخٍ وَأَنَّ قَوْلَهَا فِي حَيْضِهَا مَقْبُولٌ.

وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: وَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهِ الْمُزَنِيُّ وَاخْتَارَهُ الدَّارَكِيُّ أَنَّهُمَا إِنِ اتَّفَقَا فِي وَقْتِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَاخْتَلَفَا فِي وَقْتِ الرَّجْعَةِ كَأَنَّهُ قَالَ: رَاجَعْتُكِ فِي شَعْبَانَ، وَانْقَضَتْ عِدَّتُكِ فِي رَمَضَانَ، وَقَالَتْ: انْقَضَتْ عِدَّتِي فِي رَمَضَانَ وَرَاجَعْتَنِي فِي شَوَّالٍ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ مَعَ يَمِينِهِ، لِأَنَّ اخْتِلَافَهُمَا فِي الرَّجْعَةِ دُونَ الْعِدَّةِ، وَالرَّجْعَةُ مِنْ فِعْلِهِ دُونَهَا فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ فِيهَا قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ رَجْعَتَهُ لَا عَلَى تَأْخِيرٍ عِدَّتِهَا، لِأَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى مَا اخْتَلَفَا فِيهِ، وَهِيَ الرَّجْعَةُ دُونَ الْعِدَّةِ، فَيَقُولُ وَاللَّهِ لَقَدْ رَاجَعْتُكِ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِكِ، فَتَكُونُ يَمِينُهُ عَلَى الْقَطْعِ، لِأَنَّهَا يَمِينُ إِثْبَاتٍ.

وَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ الرَّجْعَةِ، وَاخْتَلَفَا فِي وَقْتِ انْقِضَاءِ العدة، وكأنها قَالَتْ: انْقَضَتْ عِدَّتِي فِي شَعْبَانَ وَرَاجَعْتَنِي فِي رَمَضَانَ، فَقَالَ الزَّوْجُ: رَاجَعْتُكِ فِي رَمَضَانَ وَانْقَضَتْ عِدَّتُكِ فِي شَوَّالٍ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجَةِ مَعَ يَمِينِهَا، لِأَنَّهُ حَلَفَ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لَا فِي وَقْتِ الرَّجْعَةِ، فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا، لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ عَلَى عِدَّتِهَا فَيَحْلِفُ بِاللَّهِ لَقَدِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَبَلَ رَجْعَتِكَ عَلَى الْقِطَعِ، لِأَنَّهَا يَمِينُ إثبات والله أعلم.

[(مسألة:)]

قال الشافعي: (وَلَوْ دَخَلَ بِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا وَقَالَ قَدْ أَصَبْتُكِ وَقَالَتْ لَمْ يُصِبْنِي فَلَا رَجْعَةَ وَلَوْ قَالَتْ أَصَابَنِي وَأَنْكَرَ فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ بِإِقْرَارِهَا وَلَا رجعة له عليها بإقراره وسواء طال مقامه أو لم يطل لا تجب العدة وكمال المهر إلا بالمسيس نفسه ولو

<<  <  ج: ص:  >  >>