للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّ الْمَهْرَ مُسْتَحَقٌّ فِي نِكَاحِ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ الِاسْتِمْتَاعِ فَلِذَلِكَ لَمْ يُرْجَعُ بِهِ فِي الْغَرُورِ بِالْأَمَةِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ قِيمَةُ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ إِلَّا فِي وَلَدِ الْأَمَةِ دُونَ الْحُرَّةِ فَصَارَ الْغَرُورُ هُوَ الْمُوجِبَ لِغُرْمِهِ فَلِذَلِكَ رَجَعَ بِهِ عَلَى مَنْ غَرَّهُ قَوْلًا وَاحِدًا فصار وطئها وَإِحْبَالُهَا مُوجِبًا لِخَمْسَةِ أَحْكَامٍ:

أَحَدُهَا: مَهْرُ الْمِثْلِ.

وَالثَّانِي: الْعِدَّةُ.

وَالثَّالِثُ: لُحُوقُ الْوَلَدِ.

وَالرَّابِعُ: حُرِّيَّتُهُ.

والخامس: غرم قيمته.

فهذا إذا قيل بطلان النِّكَاحِ.

فَصْلٌ

فَأَمَّا إِذَا قُلْنَا بِصِحَّةِ النِّكَاحِ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي، فَهَلْ لِلزَّوْجِ فِيهِ خِيَارُ الْفَسْخِ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ:

حَكَاهُمَا الْمُزَنِيُّ، ولم يحك القولين في أصل النكاح بل اكتفى بما حكاه في غرور النكاح:

أَحَدُهُمَا: لَا خِيَارَ لَهُ بِالْغَرُورِ وَإِنْ ثَبَتَ لِلزَّوْجَةِ الْخِيَارُ بِالْغَرُورِ؛ لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى طَلَاقِهَا ولا يلحق مِنَ الْعَارِ مَا يَلْحَقُهَا.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَهُ الْخِيَارُ لِإِحْدَى عِلَّتَيْنِ:

إِحْدَاهُمَا: أَنَّ مَا أَوْجَبَ لِلزَّوْجَةِ خِيَارَ الْفَسْخِ أَوْجَبَهُ لِلزَّوْجِ كَعُيُوبِ الْجُنُونِ، وَالْجُذَامِ، وَالْبَرَصِ، وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بِيَدِهِ فَكَذَلِكَ فِي الْغَرُورِ.

وَالْعِلَّةُ الثَّانِيَةُ: مَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ من نقص استرقاق وَلَدِهِ وَنُقْصَانِ اسْتِمْتَاعِهِ، فَإِذَا قُلْنَا لَهُ الْخِيَارُ فِي الْفَسْخِ فَاخْتَارَ الْفَسْخَ كَانَ حُكْمُهُ بَعْدَ الْفَسْخِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَإِذَا قِيلَ بِفَسَادِ الْعَقْدِ فِي أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ دَخَلَ بِهَا وَلَمْ يُحَبِّلْهَا تَعَلَّقَ بِدُخُولِهِ حُكْمَانِ: مَهْرُ الْمِثْلِ، وَالْعِدَّةُ، وَإِنْ أَحَبَلَهَا تَعَلَّقَ بِإِحْبَالِهِ لَهَا مَعَ حُكْمَيِ الدُّخُولِ ثَلَاثَةُ أَحْكَامٍ: لُحُوقُ الْوَلَدِ، وَحُرِّيَّتُهُ، وَغُرْمُ قِيمَتِهِ وَيَرْجِعُ بِمَا غَرِمَهُ مِنْ قِيمَتِهِ، وَفِي رجوعه بما غرمه مِنَ الْمَهْرِ قَوْلَانِ، وَإِنْ أَقَامَ عَلَى النِّكَاحِ وَلَمْ يَخْتَرِ الْفَسْخَ، وَقُلْنَا: لَيْسَ لَهُ خِيَارٌ فَالْحُكْمُ فِيهِمَا سَوَاءٌ، وَلَهَا الْمَهْرُ الْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ، وَيَكُونُ أَوْلَادُهُ الَّذِينَ عَلَقَتْ بِهِمْ قَبْلَ عِلْمِهِ بِرِقِّهَا أَحْرَارًا، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُمْ، وَمَنْ عَلَقَتْ بِهِمْ بَعْدَ عِلْمِهِ بِرِقِّهَا مَمَالِيكُ لِلسَّيِّدِ إِنْ لَمْ يَكُنِ الزَّوْجُ عَرَبِيًّا وَإِنْ كَانَ عَرَبِيًّا، فَعَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: - وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْقَدِيمِ - يكونون أَحْرَارًا وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُمْ، وَمَنْ عَلَقَتْ بِهِمْ بَعْدَ علمه برقها مماليك للسيد؛ لأن لا يَجْرِيَ عَلَى عَرَبِيٍّ صَغَارٌ، وَالرِّقُّ أَعْظَمُ صَغَارٍ.

والقول الثاني: يكونون مماليكاً لِلسَّيِّدِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْجَمِيعِ واحد وتميز من علقت به قبل العلم برقها معتبر بمدة الوضع، فمن وَضَعَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ علمه

<<  <  ج: ص:  >  >>