للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَرْبَعِينَ، أَوِ ادَّعَى السَّاعِي أَنَّ الْوِلَادَةَ قَبْلَ الْحَوْلِ، وَادَّعَى رَبُّ الْمَالِ أَنَّهَا بَعْدَ الْحَوْلِ، وَمَا ادَّعَيَاهُ مُمْكِنٌ فِي الظَّاهِرِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ رب المال مع يمينه، لأنه أمين يرجع إلى ظاهر، وَلَا ظَاهِرَ مَعَ السَّاعِي وَهَذِهِ الْيَمِينُ هِيَ يَمِينُ اسْتِظْهَارٍ، فَإِنْ نَكَلَ عَنْهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَوْضِعٍ ادَّعَى رَبُّ الْمَالِ ما تسقط بِهِ الزَّكَاةَ وَكَانَ الظَّاهِرُ مَعَهُ فَيَمِينُهُ اسْتِظْهَارٌ، وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ مَعَ السَّاعِي كَدَعْوَى رَبِّ الْمَالِ بَيْعَ مَالِهِ فِي تَضَاعِيفِ الْحَوْلِ، ثُمَّ ابْتِيَاعَهُ فَفِي الْيَمِينِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: اسْتِظْهَارٌ أَيْضًا.

وَالثَّانِي: وَاجِبَةٌ، وَفَائِدَةُ قَوْلِنَا اسْتِظْهَارٌ أَنَّهُ إِنْ نَكَلَ عَنْهَا لَمْ تُؤْخَذْ مِنْهُ الزَّكَاةُ، وَفَائِدَةُ قَوْلِنَا وَاجِبَةٌ أَنَّهُ إِنْ نَكَلَ عَنْهَا أُخِذَتْ مِنْهُ الزَّكَاةُ جَبْرًا، لَا بِنُكُولِهِ لَكِنْ بِالْأَمْرِ الْمُتَقَدِّمِ، وَالظَّاهِرِ الْمَوْجُودِ، وَلَمْ يَجُزْ لِلسَّاعِي أَنْ يَحْلِفَ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ، وَلَا لِلْمَسَاكِينِ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ معينين.

[مسألة:]

قال الشافعي رضي الله عنه: " ولو كانت له أربعون فَأَمْكَنَهُ أَنْ يُصَدِّقَهَا فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى مَاتَتْ أَوْ بَعْضُهَا فَعَلَيْهِ شَاةٌ وَلَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ حتى ماتت منها شاة فلا زكاة في الباقي لأنها أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً وَلَوْ أَخْرَجَهَا بَعْدَ حولها فلم يمكنه دفعها إلى أهلها أو الوالي حتى هلكت لم تجز عنه فإن كان فيما بقي ما تجب فِي مِثْلِهِ الزَّكَاةُ زَكَّى وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عليه ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَقَدْ مَضَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَ التَّقْسِيمِ، وَقُلْنَا إِنَّهُ إِنْ تَلِفَ مَالُهُ بَعْدَ الْحَوْلِ وَبَعْدَ إِمْكَانِ الْأَدَاءِ فَالزَّكَاةُ عليه واجبة، سواء أمكنه أداء زكاتها إِلَى السَّاعِي، أَوِ الْمَسَاكِينِ، وَقَالَ أبو حنيفة إن أمكن أداؤها إلى الساعي ضمنها وإن أمكن أَدَاؤُهَا إِلَى الْمَسَاكِينِ لَمْ يَضْمَنْهَا، لِأَنَّ عِنْدَهُ أَنَّ مَجِيءَ السَّاعِي شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ، وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ مَعَهُ، وَإِنْ تَلِفَ مَالُهُ قَبْلَ إِمْكَانِ الْأَدَاءِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ الْأَدَاءُ بَعْدَ الْحَوْلِ فَبَادَرَ بِإِخْرَاجِ زَكَاتِهِ فَتَلِفَ مِنْهُ قَبْلَ حُصُولِ ذَلِكَ فِي يَدِ السَّاعِي، أَوِ الْمَسَاكِينِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ وَلَا جِنَايَةٍ فَلَمْ يَلْزَمْهُ ضَمَانُهُ، ثُمَّ يُنْظَرُ فِي بَاقِي مَالِهِ فَإِنْ كَانَ نِصَابًا زَكَّاهُ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ فَفِي إِيجَابِ زَكَاتِهِ قَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ فِي إِمْكَانِ الْأَدَاءِ هَلْ هُوَ شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ أَوْ فِي الضَّمَانِ، فَإِنْ قِيلَ هُوَ شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيمَا نَقَصَ عَنِ النِّصَابِ وَإِنْ قِيلَ هُوَ شَرْطٌ فِي الضَّمَانِ فَعَلَيْهِ زَكَاتُهُ بِحِسَابِ الْبَاقِي وَقِسْطِهِ، وَيَكُونُ التَّالِفُ مِنْ مَالِهِ وَمَالِ الْمَسَاكِينِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

مَسْأَلَةٌ:

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَكُلُّ فائدةٍ مِنْ غَيْرِ نِتَاجِهَا فَهِيَ لِحَوْلِهَا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَقَدْ مَضَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَذَكَرْنَا أَنَّ الْمُسْتَفَادَ مِنْ غَيْرِ النِّتَاجِ يَسْتَأْنِفُ حَوْلَهُ، وَلَا يَجِبُ ضَمُّهُ إِلَى حَوْلِ مَالِهِ، وَدَلَّلْنَا عَلَيْهِ، فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ مَعَهُ أَرْبَعُونَ شَاةً قَدْ أَتَى

<<  <  ج: ص:  >  >>