للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي الْإِيلَاءِ إِذَا أَرَادَهُ وَكَانَتْ شَرِيكَةً لَهَا فِي الطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ إِذَا أَرَادَهُ، قِيلَ: لِأَنَّ الْإِيلَاءَ يَمِينٌ بِاللَّهِ تَعَالَى لَا تَنْعَقِدُ بِالْكِنَايَةِ وَالطَّلَاقُ وَالظِّهَارُ يَقَعَانِ وَيَنْعَقِدَانِ بِالْكِنَايَةِ أَلَا تَرَاهُ لَوْ قَالَ إِنْ حَلَفَ زَيْدٌ بِاللَّهِ تَعَالَى فَأَنَا حَالِفٌ بِهِ، لَمْ يَصِرْ حَالِفًا إِذَا حَلَفَ زَيْدٌ وَلَوْ قَالَ إِنْ طَلَّقَ زَيْدٌ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ بِطَلَاقِ زَيْدٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي دُخُولِ الْكِنَايَةِ فِي الطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ، وَانْتِفَاءِ الْكِنَايَةِ عَنِ الْيَمِينِ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْيَمِينَ بِاللَّهِ تَعَالَى حُرْمَةُ التَّعْظِيمِ فَلَمْ يَجُزْ لِعِظَمِ حُرْمَتِهِ أَنْ يُكَنَّى عَنْهُ، وَلَيْسَ لِلطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ حُرْمَةُ تَعْظِيمٍ فَجَازَتِ الْكِنَايَةُ عَنْهُمَا.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَمَّا لَمْ تَصِحَّ النِّيَابَةُ فِي الْيَمِينِ تَغْلِيظًا لَمْ تَصِحَّ فِيهَا الْكِنَايَةُ، وَلَمَّا صَحَّتِ النِّيَابَةُ فِي الطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ تَخْفِيفًا صَحَّتِ فِيهِمَا الْكِنَايَةُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي صِحَّةِ النِّيَابَةِ فِي الطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ، وَانْتِفَاءِ النِّيَابَةِ عَنِ الْيَمِينِ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ مَقْصُودَ الْيَمِينِ التَّعْظِيمُ فَلَمْ تَصِحَّ فِيهِ النِّيَابَةُ، وَمَقْصُودَ الطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ التَّحْرِيمُ فَصَحَّ فِيهِ النِّيَابَةُ.

وَالثَّانِي: أَنَّ تَأْثِيرَ الْيَمِينِ فِي الْحَالِفِ، فَلَمْ يَجُزِ اسْتِنَابَةُ غَيْرِهِ وَتَأْثِيرَ الطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ فِي غَيْرِهِ فَجَازَ فِيهِمَا اسْتِنَابَةُ غَيْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ:)

وَأَمَّا الضَّرْبُ الثَّانِي: وَهُوَ إِذَا عَقَدَهَا بِعِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ وَجَعَلْنَاهُ مُولِيًا بِهِمَا عَلَى قَوْلِهِ فِي الْجَدِيدِ فَإِذَا قَالَ لِإِحْدَى زَوْجَتَيْهِ إِنْ وَطِئْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ فَعَبْدِي حُرٌّ، ثُمَّ قَالَ لِلْأُخْرَى وَأَنْتِ شَرِيكَتُهَا، سُئِلَ عَنْ إِرَادَتِهِ وَلَهُ فِي الْإِرَادَةِ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَقُولَ: أَرَدْتُ بِقَوْلِي أَنْتِ شَرِيكَتُهَا، أَنَّنِي مَتَى وَطِئْتُ الثَّانِيَةَ مَعَ الْأُولَى، فَالْأُولَى طَالِقَةٌ فَهَذَا يَكُونُ مُولِيًا مِنَ الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ وَلَا تَكُونُ الثَّانِيَةُ شريكة للأولى، ولا يكون وطئها شَرْطًا فِي طَلَاقِ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ طَلَاقَ الْأُولَى بِشَرْطٍ وَاحِدٍ وَهُوَ وَطْؤُهَا فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَضُمَّ إِلَيْهِ شَرْطًا ثَانِيًا بِوَطْءِ الثَّانِيَةِ، لِمَا فِيهِ مِنْ رَفْعِ حُكْمِ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ بعد انعقاد، أَلَا تَرَاهُ لَوْ قَالَ: إِنْ كَلَّمْتِ زَيْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ يُرِيدُ أَنَّ طَلَاقَهَا لَا يَقَعُ بِكَلَامِ زَيْدٍ حَتَّى تَدْخُلَ الدَّارَ، لَمْ يَثْبُتِ الشَّرْطُ الثَّانِي، وَتَعَلَّقَ الطَّلَاقُ بِوُجُودِ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ.

وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَقُولَ: أَرَدْتُ بِقَوْلِي: أَنْتِ شَرِيكَتُهَا أَنَّنِي مَتَى وَطِئْتُ الْأُولَى فَهِيَ طَالِقٌ مَعَ الثَّانِيَةِ فَهَذَا يَكُونُ مُولِيًا مِنَ الْأُولَى عَلَى مَا كان عليه قبل مشاركة الثانية لها وحالف بِطَلَاقِ الثَّانِيَةِ، وَلَا يَكُونُ مُولِيًا مِنْهَا، لِأَنَّهُ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِوَطْءِ الْأُولَى لَا بِوَطْئِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>