نَسَبَ التَّوْأَمَيْنِ لَا يَخْتَلِفُ وَلُحُوقُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَنِ ادَّعَاهُ يُوجِبُ اجْتِذَابَ الْآخَرِ إِلَيْهِ فَتَمَانَعَا لِتَعَارُضِهِمَا وَوَجَبَ عَرْضُ ذَلِكَ عَلَى الْقَافَةِ لِيَحْكُمُوا فِيهِمَا بِالشَّبَهِ كَمَا يَحْكُمُونَ عِنْدَ تَنَازُعِ الْأَبَوَيْنِ.
فَهَذَا الْقَوْلُ فِي الْمُتَدَاعِيَيْنِ إِذَا كَانَ الْوَسِيطُ فِي نَسَبِهِمَا وَاحِدًا.
فَصْلٌ
: فَأَمَّا إِذَا تَوَسَّطَ بَيْنَ نَسَبِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ اثْنَانِ يَتَّصِلُ النَّسَبُ بِهِمَا فَمِثَالُهُ أَنْ يُقِرَّ رَجُلٌ بابْن أَخٍ لَهُ فَيَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ اثْنَانِ. أَحَدُهُمَا أَخُوهُ الَّذِي هُوَ أَبُ الْمُقَرِّ بِهِ، وَالثَّانِي أَبُوهُ الَّذِي يَجْمَعُهُ وَأَخَاهُ فَإِنْ كَانَ أَحَدُ هَذَيْنِ الْوَسِيطَيْنِ بَاقِيًا لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُ الْمُقَرِّ بِهِ إِلَّا بِتَصْدِيقِهِ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ الْأَخُ بَاقِيًا لَمْ يَلْحَقْ بِهِ ابْنٌ بِغَيْرِ إِقْرَارِهِ، وَإِنْ كَانَ الْأَبُ بَاقِيًا دُونَ الْأَخِ لَمْ يُلْحَقْ بِهِ ابْنُ ابْنٍ بِغَيْرِ إِقْرَارِهِ، وَإِنْ كَانَ الْأَخُ وَالْأَبُ الْوَسِيطَانِ بَيْنَهُمَا فِي النَّسَبِ مَيِّتَيْنِ نُظِرَ فَإِنْ كَانَ هُوَ الْوَارِثُ لِأَخِيهِ وَحْدَهُ ثَبَتَ نَسَبُ الْمُقَرِّ بِهِ وَصَارَ ابْنَ أَخٍ لِلْمُقِرِّ وَإِنْ كَانَ الْأَبُ هُوَ وَارِثُ ابْنِهِ الَّذِي هُوَ أَخُ الْمُقِرِّ نُظِرَ فَإِنْ كَانَ هَذَا الْأَخُ هُوَ وَارِثُ ابْنِهِ وَحْدَهُ ثَبَتَ نَسَبُ ابْنِ الْأَخِ لِأَنَّ مِيرَاثَ الْأَخِ قَدْ أَفْضَى إِلَيْهِ عَنِ الْأَبِ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ فِي مِيرَاثِ الِابْنِ غَيْرُهُ مِمَّنْ يعتبر إقراره فِي النَّسَبِ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ حَتَّى يُصَدِّقَهُ عَلَى إِقْرَارِهِ مَنْ بَقِيَ مِنْ وَرَثَةِ الْأَبِ لِأَنَّهُ بَعْضُ مَنْ أَفْضَى إِلَيْهِ مِيرَاثُ الْأَخِ مِنَ الْأَبِ.
: وَإِنْ تَوَسَّطَ بَيْنَ نسب المتداعيين ثلاثة يتصل بِهِمْ فَمِثَالُهُ: أَنْ يُقِرَّ رَجُلٌ بِابْنِ عَمٍّ فيكون بَيْنَهُمَا ثَلَاثَةٌ: أَبَوَانِ وَالْجَدُّ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ بَاقِيًا لَمْ يَثْبُتِ النَّسَبُ بِإِقْرَارِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ حَتَّى يُقِرَّ بِهِ الْبَاقِي مِنَ الثَّلَاثَةِ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الثَّلَاثَةِ أَحَدٌ نُظِرَ فِي حَالِ وَارِثِ الْعَمِّ الَّذِي أَقَرَّ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ ابْنٌ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ أَحَدِ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ:
إِمَّا أَنْ يَكُونَ جَدُّهُ وَارِثَ عَمِّهِ فَوَرِثَهُ بِأُبُوَّتِهِ.
أَوْ يَكُونُ أَبُوهُ وَارِثَ عَمِّهِ فَوَرِثَهُ بِالْأُخُوَّةِ.
أَوْ يَكُونُ هُوَ وَارِثَ عَمِّهِ فَوَرِثَهُ بِأَنَّهُ ابْنُ أَخٍ لَهُ.
فَإِنْ كَانَ هُوَ وَارِثَ عَمِّهِ ثَبَتَ نَسَبُ الْمُقَرِّ بِهِ، وَإِنْ كَانَ أَبُوهُ وَارِثَ عَمِّهِ نُظِرَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي مِيرَاثِ أبيه ثبت نسب المقر به أَيْضًا لِأَنَّ مِيرَاثَ الْمُقَرِّ بِهِ قَدْ أَفْضَى إِلَيْهِ عَنْ أَبِيهِ. وَإِنْ كَانَ لَهُ شَرِيكٌ فِي مِيرَاثِ أَبِيهِ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُ الْمُقَرِّ بِهِ إِلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ عَلَى إِقْرَارِهِ الْمُشَارِكُ لَهُ فِي مِيرَاثِ أَبِيهِ لِأَنَّهُ بَعْضُ مَنْ أَفْضَى إِلَيْهِ مِيرَاثُ الْعَمِّ، وَإِنْ كَانَ جَدُّهُ وَارِثَ عَمِّهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِجَدِّهِ وَارِثٌ غَيْرُ أَبِيهِ وَلَا لِأَبِيهِ وَارِثٌ غَيْرُهُ، أَوْ كَانَ هُوَ وَارِثَ جَدِّهِ لِمَوْتِ أَبِيهِ قَبْلَ جَدِّهِ ثَبَتَ نَسَبُ الْمُقَرِّ بِهِ لِأَنَّ مِيرَاثَ عَمِّهِ قَدْ أَفْضَى إِلَيْهِ عَنْ أَبِيهِ ثُمَّ عن جده.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute