مَقْصُورًا عَلَى الَّتِي تَضَمَّنَهَا الْخَبَرُ، وَهِيَ الْخُفُّ وَالْخُفُّ الْإِبِلُ وَحْدَهَا، وَالْحَافِرُ وَفِيهِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: الْخَيْلُ وَحْدَهَا.
وَالثَّانِي: الْخَيْلُ وَالْبِغَالُ وَالْحَمِيرُ، وَالنَّصْلُ وَهُوَ السِّهَامُ، وَيَكُونُ السَّبْقُ بِمَا عَدَاهَا مَحْظُورًا.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: فِي الْمَعْنَيَيْنِ إنَّ النَّصْلَ عَلَى الثَّلَاثَةِ أَصْلٌ، فَهَذَا وَرَدَ الشَّرْعُ بِبَيَانِهِ وَلَيْسَ بِمُسْتَثْنًى، وَإِنْ خَرَجَ مَخْرَجَ الِاسْتِثْنَاءِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ التَّوْكِيدُ دُونَ الِاسْتِثْنَاءِ فَعَلَى هَذَا يُقَاسُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الثَّلَاثَةِ مَا كَانَ فِي مَعْنَاهَا كَمَا قِيسَ عَلَى السِّتَّةِ فِي الرِّبَا مَا وَافَقَ مَعْنَاهَا، وَعَلَيْهِ يَكُونُ التَّفْرِيعُ، فَيُقَاسُ عَلَى الْخُفِّ السَّبْقُ بِالْفِيَلَةِ؛ لِأَنَّهَا ذَوَاتُ أَخْفَافٍ كَالْإِبِلِ، وَهِيَ فِي مُلَاقَاةِ الْعَدُوِّ أَنَكَأُ مِنَ الْإِبِلِ، وَهَلْ يُقَاسُ عَلَيْهَا السَّبْقُ بِالسُّفُنِ والطيارات وَالشَّدَّاتِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ سُرَيْجٍ يَجُوزُ السَّبْقُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا مُعَدَّةٌ لِجِهَادِ الْعَدُوِّ فِي الْبَحْرِ وَحَمْلِ ثُقْلِهِ، كَالْإِبِلِ فِي الْبَرِّ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجُوزُ السَّبْقُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ سَبْقَهَا بِقُوَّةِ مَلَّاحِهَا دُونَ الْمُقَاتِلِ فِيهَا، فَأَمَّا السَّبْقُ بِالزَّوَارِقِ الْكِبَارِ وَالْمَرَاكِبِ الثِّقَالِ الَّتِي لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ فِي لِقَاءِ الْعَدُوِّ بِمِثْلِهَا فَغَيْرُ جَائِزٍ عَلَى الْوَجْهَيْنِ مَعًا.
(فَصْلٌ:)
فَأَمَّا الْحَافِرُ بِالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ نَصًّا فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ لَا نَقْلًا مِنِ اسْمِ الْحَافِرِ عَلَيْهَا، وَقِيَاسًا فِي الْقَوْلِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهَا ذَوَاتُ حَوَافِرَ كَالْخَيْلِ وَفِي مَعْنَاهَا.
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ يُقَاسُ عَلَيْهَا السَّبْقُ بِالْأَقْدَامِ؟ أَمْ لَا عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، تَجُوزُ الْمُسَابَقَةُ بِالْأَقْدَامِ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اسْتَبَقَ هُوَ وَعَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَلَى أَقْدَامِهِمَا؛ وَلِأَنَّ السَّعْيَ مِنْ قِتَالِ الرَّجَّالَةِ كَالْخَيْلِ فِي قِتَالِ الْفُرْسَانِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْمُسَابَقَةَ بِالْأَقْدَامِ لَا تَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ سَبْقٌ عَلَى فِعْلِهَا مِنْ غَيْرِ آلَةٍ فَأَشْبَهَ الطَّفْرَةَ وَالْوَثْبَةَ؛ وَلِأَنَّ السَّبْقَ عَلَى مَا يُسْتَفَادُ بِالتَّعْلِيمِ لِيَكُونَ بَاعِثًا عَلَى مُعَاطَاتِهِ، وَالسَّعْيُ لَا يُسْتَفَادُ بِالتَّعْلِيمِ فَعَلَى هَذَا إِنْ قِيلَ: إِنَّ الْمُسَابَقَةَ بِالْأَقْدَامِ لَا تَجُوزُ، فَالْمُسَابَقَةُ بِالسِّبَاحَةِ أَوْلَى أَنْ لَا تَجُوزَ وَإِنْ قِيلَ: بِجَوَازِهَا عَلَى الْأَقْدَامِ، فَفِي جَوَازِهَا بِالسِّبَاحَةِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: تَجُوزُ كَالْأَقْدَامِ؛ لِأَنَّ أَحَدَهَا عَلَى الْأَرْضِ، وَالْآخِرَ فِي الْمَاءِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهَا لَا تَجُوزُ بِالسِّبَاحَةِ، وَإِنْ جَازَتْ بِالْأَقْدَامِ، لِأَنَّ الْمَاءَ مُؤَثِّرٌ فِي السَّبَّاحَةِ وَالْأَرْضَ غَيْرُ مُؤَثِّرَةٍ فِي السعي.