وَالثَّالِثُ: اشْتِمَالُهُ عَلَى الْحَقِّ.
وَالرَّابِعُ: وَجُوبُهُ فِي كُلِّ عَصْرٍ.
(فَصْلٌ)
: فَإِذَا اسْتَقَرَّ مَا ذَكَرْنَا مِنْ صِحَّةِ الْإِجْمَاعِ وَأَحْكَامِهِ فَالْكَلَامُ فِيهِ يَشْتَمِلُ عَلَى أَرْبَعَةِ فُصُولٍ:
أَحَدُهَا: مَا يَنْعَقِدُ عَنْهُ الْإِجْمَاعُ.
وَالثَّانِي: مَا يَنْعَقِدُ بِهِ الْإِجْمَاعُ.
وَالثَّالِثُ: مَا يَسْتَقِرُّ بِهِ الْإِجْمَاعُ.
وَالرَّابِعُ: فِي مُعَارَضَةِ الِاخْتِلَافِ وَالْإِجْمَاعِ.
( [الْقَوْلُ فِيمَا يَنْعَقِدُ عَنْهُ الْإِجْمَاعُ] )
:
فَأَمَّا الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِيمَا يَنْعَقِدُ عَنْهُ الْإِجْمَاعُ: فَهُوَ يَنْعَقِدُ عَنْ دَلِيلٍ أَوْجَبَ اتِّفَاقَهُمْ عَلَيْهِ لِأَنَّ مَا لَا مُوجِبَ لَهُ يَتَعَذَّرُ الِاتِّفَاقُ عَلَيْهِ.
وَالدَّلِيلُ الدَّاعِي إِلَيْهِ قَدْ يَكُونُ مِنْ سَبْعَةِ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَنْعَقِدَ عَنْ تَنْبِيهٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ كَإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ ابْنَ الِابْنِ فِي الْمِيرَاثِ كَالِابْنِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَنْعَقِدَ عَنِ اسْتِنْبَاطٍ مِنْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَإِجْمَاعِهِمْ عَلَى تَوْرِيثِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْجَدَّتَيْنِ السُّدُسَ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَنْعَقِدَ عَنْ الِاسْتِفَاضَةِ وَالِانْتِشَارِ، كَالْإِجْمَاعِ عَلَى أَعْدَادِ الرَّكَعَاتِ وَتَرْتِيبِهَا فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ.
وَالرَّابِعُ: أَنْ يَنْعَقِدَ عَلَى الْعَمَلِ بِهِ كَالْإِجْمَاعِ عَلَى نُصُبِ الزَّكَوَاتِ.
وَالْخَامِسُ: أَنْ يَنْعَقِدَ عَنِ الْمُنَاظَرَةِ وَالْجِدَالِ، كَإِجْمَاعِهِمْ عَلَى قَتْلِ مَانِعِي الزَّكَاةِ.
وَالسَّادِسُ: أَنْ يَنْعَقِدَ عَنْ تَوْقِيفٍ، كَإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ الْجُمُعَةَ تُسْقِطُ فَرْضَ الظُّهْرِ.
وَالسَّابِعُ: أَنْ يَنْعَقِدَ عَنِ اسْتِدْلَالٍ وَقِيَاسٍ، كَإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ الْجَوَامِيسَ فِي الزَّكَاةِ كَالْبَقَرِ.
فَإِنْ تَجَرَّدَ الْإِجْمَاعُ عَنْ دَلِيلٍ يَدْعُو إِلَيْهِ إِذَا وُجِدَ الِاتِّفَاقُ عَلَيْهِ، فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي صِحَّتِهِ وَجَوَازِ انْعِقَادِهِ.
فَذَهَبَ شَاذٌّ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى جَوَازِهِ، اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ما رآه