للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُرْجَعَ إِلَيْهِمْ فِي إِلْحَاقِهِ بِالْأَبِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّ الْأُمَّ يُمْكِنُ أَنْ يَلْحَقَ بِهَا وَلَدُهَا قَطْعًا بِالْمُشَاهَدَةِ، فَلَمْ يَكُنْ لِاجْتِهَادِ الْقَافَةِ فِي إِلْحَاقِهِ مَدْخَلٌ وَلَا يَلْحَقُ الْأَبَ إِلَّا مِنْ طَرِيقِ الِاسْتِدْلَالِ وَغَلَبَةِ الظَّنِّ فَجَازَ اجْتِهَادُ الْقَافَةِ فِي إِلْحَاقِهِ بِهِ، فَعَلَى هَذَا يَحْلِفُ الزَّوْجُ بِاللَّهِ تَعَالَى أَنَّهَا مَا وَلَدَتْهُ، فَإِذَا حَلَفَ انْتَفَى عَنْهُ، وَإِنْ نَكَلَ رُدَّتِ الْيَمِينُ عَلَيْهَا فَحَلَفَتْ بِاللَّهِ أَنَّهَا وَلَدَتْهُ، فَإِذَا حَلَفَتْ لَحِقَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِاللِّعَانِ، فَإِنْ نَكَلَتْ فَهَلْ تُوقِفُ الْيَمِينَ عَلَى بُلُوغِ الْوَلَدِ لِيَحْلِفَ أَنَّهَا وَلَدَتْهُ عَلَى فِرَاشِهِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لَا تُوقَفُ الْيَمِينَ وَقَدِ انْقَطَعَ حكمها، لأن حقها في اليمين في بَطَل بِنُكُولِهَا وَيَكُونُ مَنْفِيًّا عَنِ الزَّوْجِ بِإِنْكَارِهَا وَنُكُولِهَا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تُوقِفُ الْيَمِينَ عَلَى بُلُوغِهِ؛ لِأَنَّ إِنْكَارَ الزَّوْجِ قَدْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقَّانِ، حَقٌّ لَهَا فِي الْوِلَادَةِ، وَحَقُّ الْوَلَدِ فِي ثُبُوتِ النَّسَبِ، فَإِذَا بَطَلَ حَقُّهَا بِنُكُولِهَا لَمْ يَبْطُلْ حَقُّ الْوَلَدِ، فَعَلَى هَذَا إِنْ حَلَفَ الْوَلَدُ بَعْدَ بُلُوغِهِ لَحِقَ بِالزَّوْجِ إِلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِاللِّعَانِ، وَإِنْ نَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ لَمْ يَلْحَقْ بِهِ وَكَانَ مَنْفِيًّا عَنْهُ بِغَيْرِ لِعَانٍ، وَهَلْ يَلْحَقُ بِهَا أَمْ لَا عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَلْحَقُ بِهَا إِلَّا بِبَيِّنَةٍ وَقَدْ ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْتِقَاطِ الْمَنْبُوذِ: أَنَّهُ لَا يُسْمَعُ فِيهِ دَعْوَى الْمَرْأَةِ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ لِمَا فِي لُحُوقِهِ بِهَا مِنْ إِلْحَاقِهِ بِزَوْجِهَا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَلْحَقُ بِإِقْرَارِهَا وَلَا يَلْحَقُ بِزَوْجِهَا مَعَ إِنْكَارِهِ.

(فَصْلٌ)

وَالْحَالُ الرَّابِعَةُ: أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّهَا وَلَدَتْهُ مِنْ زَوْجٍ كَانَ لَهَا قَبْلَهُ فَلَا يَخْلُو أَنْ يُعْرَفَ لَهَا زَوْجٌ قَبْلَهُ أَوْ لَا يُعْرَفَ فَإِنْ لَمْ يُعَرَفْ لَهَا زَوْجٌ قَبْلَهُ قِيلَ هَذَا الْبَيَانُ غَيْرُ مَقْبُولٍ مِنْكَ فَبَيِّنْهُ بِمَا يُمْكِنُ لِيُقْبَلَ، وَإِنْ عُرِفَ لَهَا زَوْجٌ قَبْلَهُ، فَلَا يَخْلُو أَنْ يُعْرَفَ وَقْتُ طَلَاقِ الْأَوَّلِ وَعَقْدِ الثَّانِي وَوَقْتُ الْوِلَادَةِ أَوْ لَا يُعْرَفَ ذَلِكَ كُلُّهُ.

فَإِنْ عُرِفَ وَقْتُ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ وَوَقْتُ عَقْدِ الثَّانِي وَوَقْتُ الولادة، فللولد أربعة أحوال:

أحدها: أَنْ يَكُونَ لَاحِقًا بِالْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، وَهُوَ أَنْ تَضَعَهُ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَمَا دُونَ مِنْ طَلَاقِ الْأَوَّلِ، وَلَا أَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ عَقْدِ الثَّانِي فَيَنْتَفِي عَنِ الثَّانِي لِلُحُوقِهِ بِالْأَوَّلِ.

وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ مُلْحَقًا بِالثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ وَهُوَ أَنْ تَضَعَهُ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ طَلَاقِ الْأَوَّلِ، وَلِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مِنْ عَقْدِهِ الثَّانِي. فَيَلْحَقُ بِهِ وَلَا يَنْتَفِي عَنْهُ إِلَّا أَنْ يُلَاعِنَ.

وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أن لا يحلق بِالْأَوَّلِ وَلَا بِالثَّانِي، وَهُوَ أَنْ تَضَعَهُ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ طلاق الأول ولأقل مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ عَقْدِ الثَّانِي فَيَنْتَفِي عَنْهُمَا وَهُوَ بَعْدَ يَمِينِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>