للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(فصل)]

: فأما جواز التنعل يَوْمَ الْجُمْعَةِ: فَمَا لَمْ يَظْهَرِ الْإِمَامُ، وَيَجْلِسْ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَمُسْتَحَبٌّ لِمَنِ ابْتَدَأَ دُخُولَ الْمَسْجِدِ، وَلِمَنْ كَانَ مُقِيمًا فِيهِ أَنْ يَتَنَفَّلَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَبَعْدَهُ.

فَأَمَّا إِذَا جَلَسَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَدْ حَرُمَ عَلَى مَنْ فِي الْمَسْجِدِ أَنْ يَبْتَدِئَ بِصَلَاةِ النَّافِلَةِ، وَإِنْ كَانَ فِي صلاة خففها وجلس، وَهَذَا إِجْمَاعٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: ٢٠٤] فإنها نَزَلَتْ فِي الْخُطْبَةِ، فَسَمَّى الْخُطْبَةَ قُرْآنًا، لِمَا يَتَضَمَّنُهَا مِنَ الْقُرْآنِ.

فَأَمَّا مَنِ ابْتَدَأَ دُخُولَ الْمَسْجِدِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَالْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَالسُّنَّةُ عِنْدَنَا أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ، وَلَا يَزِيدَ عَلَيْهِمَا، تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ فِيمَنْ يَجْلِسُ مِنْهُ وَقَالَ أبو حنيفة وَمَالِكٌ: لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرْكَعَ وَالْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ تَعَلُّقًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: ٢٠٤] وَالصَّلَاةُ تُضَادُّ الْإِنْصَاتَ، وَبِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَنْ دَخَلَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَلَا صَلَاةَ وَلَا كَلَامَ حَتَّى يَفْرُغَ ".

قَالُوا: وَلِأَنَّهُ مَعْنًى يَمْنَعُ مِنَ اسْتِمَاعِ الْخُطْبَةِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَمْنُوعًا مِنْهُ كَالْكَلَامِ قَالُوا: وَلِأَنَّ كُلَّ مَنْ حَضَرَ الْخُطْبَةَ كَانَ مَمْنُوعًا مِنَ الصَّلَاةِ كَالْجَالِسِ إِذَا أَتَى بِتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ.

وَدَلِيلُنَا: مَا رَوَى أَبُو ذَرٍّ قَالَ: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَالِسٌ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ بَيْنَ كَتِفَيَّ وَقَالَ لِي: " إِنَّ لِكُلِ شَيْءٍ تَحِيَّةً، وَتَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ أَنْ تُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ إِذَا دَخَلْتَ، قُمْ فَصَلِّ " فَكَانَ هَذَا عَلَى عُمُومِهِ.

وَرَوَى أَبُو سُفْيَانَ عَنْ جابر بن عبد الله أن سليك الْغَطَفَانِيَّ دَخَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَخْطُبُ، فَجَلَسَ فَقَالَ لَهُ: قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ تَجَوَّزْ فِيهِمَا.

وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمْعَةِ، وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَلَا يَقْعُدْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ثُمَّ يَجْلِسْ ".

وَرُوِيَ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ دَخَلَ يَوْمَ الْجُمْعَةِ وَمَرْوَانُ يَخْطُبُ، فَقَامَ لِيَرْكَعَ، فَقَامَ إِلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>