يرفع الإمام حد لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَقْبِضَ بِرَاحَتَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَهَذَا فِي حُكْمِ مَنْ أَدْرَكَ إِمَامَهُ مُسْتَقِرًّا فِي رُكُوعِهِ فِي اعْتِدَادِهِ بِهَذِهِ الرَّكْعَةِ مَعَهُ، وَلَوْ لَمْ يَكُنِ الْمَأْمُومُ قَدْ أَدْرَكَ مَا يُجْزِئُ إِلَّا بَعْدَ خُرُوجِ الْإِمَامِ عَنِ الْحَدِّ الَّذِي يُجْزِئُ لَمْ يَعْتَدَّ بِهَذِهِ الرَّكْعَةِ مَعَهُ وَإِنْ كَانَ دُخُولُهُ فِي الْفَرْضِ صَحِيحًا بِاسْتِيفَاءِ الْإِحْرَامِ
(فَصْلٌ)
: فَلَوْ رَفَعَ مِنْ رُكُوعِهِ قَبْلَ أَنْ يَطْمَئِنَّ، فَإِنْ عَمَدَ عَالِمًا فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ، وَإِنْ جَهِلَ أَوْ نَسِيَ أَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ وَعَادَ رَاكِعًا مُطْمَئِنًا، فَلَوْ أَدْرَكَهُ حِينَ عَادَ إِلَى الرُّكُوعِ لِيَطْمَئِنَّ فِيهِ مَأْمُومٌ فَأَدْرَكَ الرُّكُوعَ مَعَهُ اعْتَدَّ بِهَذِهِ الرَّكْعَةِ، وَلَوْ رَفَعَ مِنْ رُكُوعِهِ قَبْلَ التَّسْبِيحِ أَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ وَلَمْ يُعِدْ، فَإِنْ عَادَ فَرَكَعَ لِيُسَبِّحَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إِنْ كَانَ عَالِمًا عَامِدًا وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا أَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ، فَلَوْ أَدْرَكَ فِي هَذَا الرُّكُوعِ الثاني مأموم لَمْ يُعْتَدَّ بِهَذِهِ الرَّكْعَةِ
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّهُ إِذَا أَعَادَ الرُّكُوعَ الثَّانِيَ لِلطُّمَأْنِينَةِ فَالرُّكُوعُ الثَّانِي هُوَ الْفَرِيضَةُ فَصَارَ الْمَأْمُومُ بِإِدْرَاكِهِ مُدْرِكًا لِلرَّكْعَةِ، وَإِذَا أَعَادَ الرُّكُوعَ لِلتَّسْبِيحِ فَالرُّكُوعُ الْأَوَّلُ هُوَ الْفَرِيضَةُ، فَلَمْ يَكُنِ الْمَأْمُومِ بِإِدْرَاكِ الثَّانِي مُدْرِكًا لِلرَّكْعَةِ
فَإِنْ قِيلَ: فَلَيْسَ لَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي خَامِسَةٍ سَهَا بِالْقِيَامِ إِلَيْهَا صَارَ مُدْرِكًا لِلرَّكْعَةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنِ الْخَامِسَةُ مِنْ فَرْضِ الْإِمَامِ فَهَلَّا إِذَا أَدْرَكَهُ فِي إِعَادَةِ الرُّكُوعِ لِلتَّسْبِيحِ يَكُونُ مُدْرِكًا لِلرَّكْعَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الرُّكُوعُ مِنْ فَرْضِ الْإِمَامِ
قُلْنَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّ فِي إِدْرَاكِ الْخَامِسَةِ مَعَ الْإِمَامِ لَمْ يَتَحَمَّلِ الْإِمَامُ عَنْهُ شَيْئًا فَجَازَ أَنْ يُعْتَدَّ بِمَا لَمْ يَعْتَدَّ بِهِ الْإِمَامُ، وَفِي إِدْرَاكِهِ رَاكِعًا يَصِيرُ الْإِمَامُ مُتَحَمِّلًا عَنْهُ الْقِرَاءَةَ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُعْتَدَّ بِمَا لَمْ يَعْتَدَّ بِهِ الْإِمَامُ
وَمِثَالُ هَذَا مِنَ الْخَامِسَةِ أَنْ يُدْرِكَهُ رَاكِعًا فِيهَا فَلَا يَعْتَدُّ الْمَأْمُومُ بِهَا والله تعالى أعلم
[(مسألة)]
: قال الشافعي رضي الله عنه: " فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْفَعَ ابْتِدَاءَ قَوْلِهِ مَعَ الرَّفْعِ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، فَإِذَا اسْتَوَى قَائِمًا قَالَ أَيْضًا ربنا لك الحمد ملء السموات وَمِلْءَ الْأَرْضِ، وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بعد ويقولها من خلفه وروي هذا القول عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا الرَّفْعُ مِنَ الرُّكُوعِ وَالِاعْتِدَالِ قَائِمًا فَرُكْنٌ مَفْرُوضٌ فِي الصَّلَاةِ
وَقَالَ أبو حنيفة: إِنَّمَا هُوَ سُنَّةٌ وَلَيْسَ بِفَرْضٍ، وَلَوْ أَهْوَى مِنْ رُكُوعِهِ إِلَى السُّجُودِ أَجْزَأَهُ اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: ٧٧] فَاقْتَضَى الظَّاهِرُ إِيجَابَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْقِيَامِ وَالِاعْتِدَالِ قَالَ: وَلِأَنَّ هَذَا الْقِيَامَ لَوْ كَانَ رُكْنًا وَاجِبًا لَاقْتَضَى بِهِ ذِكْرًا وَاجِبًا كَالْقِيَامِ الْأَوَّلِ، وَفِي إِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ الذِّكْرَ فِيهِ غَيْرُ وَاجِبٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ فِي نَفْسِهِ غَيْرُ وَاجِبٍ، قَالُوا: وَلِأَنَّهُ انْتِقَالٌ مِنْ رُكْنٍ إِلَى رُكْنٍ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ